للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسيملك موضع قَدَمَيَّ هاتين (١)، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أَخْلُص (٢) إليه لتجشمت (٣) لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه (٤).

ثم دعا بكتاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي بعث به دِحْيَة إلى عظيم بُصْرَى، فدفعه إلى هرقل فقرأه، فإذا فيه: "بسم اللَّه الرحمن الرحيم من محمد عبد اللَّه ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم، سَلَامٌ على من اتبع الهدى (٥). أما بعد؛ فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، أَسْلِمْ يؤتك اللَّه أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين (٦) {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا


(١) (موضع قدميَّ هاتين)؛ أي: بيت المقدس، وكنى بذلك؛ لأنه موضع استقرار، أو أراد الشام كله؛ لأن دار مملكته كانت حمص.
(٢) (أخلص إليه)؛ أي: أصل.
(٣) (لتجشمت)؛ أي: تكلفت الوصول إليه، وهذا يدل على أنه كان يتحقق أن لا يسلم من القتل إن هاجر إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٤) (لغسلت عن قدميه) في "صحيح البخاري": "عن قدمه" بالإفراد.
والمراد أن ذلك مبالغة في العبودية والخدمة له. وفي اقتصاره على ذكر غسل القدمين إشارة منه إلى أنه لا يطلب منه -إذا وصل إليه سالمًا- لا ولاية ولا منصبًا، وإنما يطلب ما تحصل له به البركة.
(٥) (سلام على من اتبع الهُدَى) إن قيل: كيف يبدأ الكافر بالسلام؛ فالجواب أن المفسرين قالوا: معناه: سَلِمَ مِن عذاب اللَّه مَنْ أَسْلَم. ومحصل الجواب: أنه لم يبدأ الكافر بالسلام قصدًا، وإن كان اللفظ يشعر به، لكنه لم يدخل في المراد؛ لأنه ليس ممن اتبع الهدى فلم يُسَلِّمْ عليه.
(٦) (الأريسيين)؛ أي: الفلاحين، والمراد أهل مملكته، وقيل: الضعفاء والأتباع.

<<  <  ج: ص:  >  >>