ثمّ له بعد ذلك عهده السَّنِة من ثلاثة أدواءٍ مخصوصةٍ، وهي: الجنون والجذام والبرص، وما حدث به من ذلك في السّنَةِ، كان المشتري فيه بالخيار، بين إنفاذه وردّه). قال في شرح التفريع [٨/ ١٥٢]: «والأصل في العهدة، ما روي عن النّبيّ ﷺ أنّه قال: «عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَإِنْ وَجَدَ دَاءً فِي الثَّلَاثِ لَيَالِي، ردَّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَإِنْ وَجَدَ دَاءً بَعْد الثَّلَاثِ، كُلِّفَ البَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَبِهِ هَذَا الدَّاءُ» .... قال الأبهري ﵁: ولأنّ عهده الثّلاث بمنزلة البيع بالخيار عند مالكٍ، فما أصاب العبد في أيّام الخيار من تلفٍ أو مصيبةٍ، فهو من البائع؛ لأنّ ملك المشتري إنّما يتم ويستقرّ بعد اختياره له، أو تمضي أيّام الخيار، فكذلك عهدة الرقيق، تجري مجرى بيع الخيار عند أهل المدينة؛ لأنّها صارت كالعرف لهم؛ وذلك جائزٌ؛ إذ ليس يمنع منه كتابٌ ولا سنّةٌ. فإن قيل: إنّ معنى الحديث عهده الاستحقاق لا عهدة الثّلاث؟ قيل له: لا معنى لما قلت؛ لأنّ فائدة الحديث تذهب على هذا التأويل. ألا ترى: أنّ عهده الاستحقاق في الثّلاث وبعدها، وإذا كان كذلك، فلا بد من تخصيص الثلاث بحكمٍ. وقال أيضاً في [٨/ ١٥٣]: «إذا ثبت هذا، فقال مالكٌ ﵁: عهدة الثّلاث في الرّقيق خاصّةً، دون الحيوان، وهي ثلاثة أيّامٍ وثلاث ليالٍ، فإن اشترى نهاراً، ألغى ذلك اليوم واستقبل ثلاثاً بلياليها. قال الأبهري ﵁: لأنّ الأيّام متعلّقةٌ باللّيالي، واللّيالي بها، فكان حكم ذلك كلّه واحداً، كما يكون ذلك في العدَّةِ وغيرها مما يستوي فيه حكم اللّيل والنّهار.