قال الأبهري: لأنّ صاحب اليد له مع يده بيّنةٌ، فكان سببه أوكد ممّن له بيّنةٌ من غير يدٍ». وقال أيضاً في [٨/ ٤٥٧]: «وأمّا قوله: فإن لم يكن في يد واحدٍ منهم، قسم بينهما بعد أيمانهما؛ فإنّما قال ذلك؛ لما روى ابن وهبٍ: «أَنَّ رَجُلَينِ اخْتَصَمَا إِلَى النّبيِّ ﷺ فِي دَابَّةٍ وَجَدَاهَا عِنْدَ رَجُلٍ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَينِ أَنَّهَا دَابَّتُه، فَقَضَى بِهَا النَّبيُّ ﷺ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ». قال الأبهري: ولأنّ الحكم لأحدهما ليس بأولى من الحكم للآخر، وإذا كان كذلك، لم يجز الحكم لأحدهما؛ لأنّهما لمّا تساويا في العدالة سقطتا، وكانا من لا بيّنة لهما». وقال أيضاً: «وإنّما عرضنا الأيمان عليهما، لترجيح أحدهما فيحكم له، فإذا لم يوجد ذلك، تركا على ما كانا عليه. وقد بسط الأبهري هذا المعنى فقال: وإنّما وجب استحلافهما فيما ذكر؛ لجواز أن ينكل عن اليمين أحدهما، فيحكم للآخر ببيّنته مع نكول صاحبه».
باب حكم الحاكم بعلمه [٤٥٠]- (وإذا ذكر الحاكم أنّه حكم بحكمٍ في أمرٍ من الأمور، وأنكر ذلك المحكوم عليه، لم يقبل قول الحاكم إلّا ببيّنةٍ تشهد على حكمه) قال في شرح التفريع [٨/ ٤٧٨]: «قال الأبهري: لأنّه إنّما شهد على فعل نفسه، وشهادة الإنسان على فعله غير جائزةٍ. ولأنّه حقٌّ لغيره متعلّقٌ بفعله، فلم تجز شهادته عليه. قال الأبهري: وقد رُوِيَ عن النّبيِّ ﷺ أنّه قال: «لَو أُعْطِيَ النَّاسَ بِدَعْوَاهُمْ، لَادّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ البَيِّنَةَ عَلَى المُدَّعِي وَاليَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ»، وهذا الحاكم