قيل له: لا تشبه الشّهادة على الإقرار الشّهادة على الشّهادة؛ من قِبَل أنّ المقرّ لو رجع عن إقراره لم يقبل منه؛ لأنّ الإقرار قد استقلّ فلا يزول حكمه إلّا بأداء الحقّ أو بإقرار صاحب الحقّ، وليس كذلك الشّهادة على الشّهادة؛ لأنّ شاهد الأصل لو رجع عن شهادته قبل الحكم لجاز ذلك، فلمّا كان له أن يسقط شهادته ولا يثبت عليها، لم يجز لأحدٍ أن يشهد عليه ولا يتحمّلها عنه، إلّا أن يُشهِده عليها أو ينقلها إليه، والله أعلم. ولو لم يجز أن يشهد على إقرار المقرّ حتى يشهده عليه، لما جا ذلك في الطّلاق، والفرية. قال الأبهري: وقد قال من يخالفنا في هذه المسألة - وهو الشافعي -: إنّه يشهد على إقراره بالطّلاق والفرية وإن لم يشهده».
عدّة من طلقها زوجها في سفر ومات وتأخَّر علمها بموته [١٢٧]- (ومن طلّق امرأته في سفرٍ أو مات عنها، فتأخّر علمها بموته أو طلاقه حتى مضى لها مقدار العدّة، ثم قامت البيّنة بعد ذلك على موته أو طلاقه، لم تلزمها عدّةٌ مؤتنفةٌ، ولو قامت البيّنة بذلك وقد مضى لها بعض العدّة، بنت على ما مضى بعد موته أو طلاقه حتى تتمَّ العدّة، ولا تبتدئها من يوم قامت البيّنة). قال في شرح التفريع [٧/ ٣١٥]: «قال الأبهري: لأنّ العدّة إنّما هو مرور وقتٍ يُعلّم به براءة الرّحم، وقد وُجِد ذلك. قال: وممّا يدلّ على أنّ العدّة تصحّ وإن لم تعلم المرأة بذلك: أنّ الصغيرة تصحّ عدّتها، وهي لا تعلم أنّها في عدّةٍ تتربّص أربعة أشهرٍ وعشراً، وكذلك المجنونة. وقد روي عن عبد الله بن عمر أنّه قال: «العِدَّةُ مِنْ يَوْمِ يَمُوتُ أَوْ يُطَلِّقُ»، وروي عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: «العِدَّةُ مِنْ يَوْمِ يَمُوْتُ»، وهو قول جماعةٍ من أهل العلم: سليمان بن يسار، ومسروقٍ، والزّهري، والشّعبي، وعطاءٍ، ومكحولٍ، وابن المسيّب.