وكذلك الذي يأتي بالعبد الآبق والبعير الشّارد، له الأجرة إن أراد صاحبه أخذه، وإن لم يرد أخذه كان للّذي أتى به؛ لأنّ الآتي به قد فعل ما على صاحب الآبق أن يفعله، ولو امتنع من فعله كان سفيهاً مع قدرته على ذلك. وكذلك المحصود له، لو امتنع من فعله مع قدرته على ذلك، لكان سفيهاً. ولو أنّ رجلاً رأى مال رجلٍ يَهلك أو يحترق، فأنفق على خلاصه، لوجب دفع ما خلّصه به إليه، ولم يكن له أن يقول: «كان يجب أن تترك مالي حتى يهلك»، ولو قال ذلك لكان سفيهاً. وكذلك لو كفَّن وليّاً له، لكان عليه أن يُدْفَعَ له من تركه ما كفّنه به، وليس يجوز له أن يمتنع منه، والله أعلم».
باب في الجعل [٢٩٦]- (ولا بأس بالجعل في العبد الآبق والبعير الشّارد والمتاع الضّائع). قال في شرح التفريع [٨/ ٢٣٣]: «قال الأبهري ﵁: ولمّا كان بالنّاس حاجةٌ إلى التّصرف في معايشهم من التّجارات والأعمال، أباح الله ﷿ البيع والشّراء، الذي هو بيع أعيان الأشياء، وأباح الإجارة والجعل، الّذين هما بيع منافع الأشياء. فأجاز الإجارة بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطلاق:٦]، وبقوله تعالى: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ﴾ [القصص:٢٧] الآية، فجعل شعيبٌ ﷺ صداق ابنته عمل موسى ﵇ ثماني سنين.