فإن قيل: فقد قال تعالى: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة:٢٤١]، والتّقوى واجبةٌ على النّاس؟ قيل له: معنى قوله تعالى: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾، أي: من اتّقى دناءة الأخلاق، لا الكفر، والدّليل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [البقرة:٢٣٧]، والعفو عن الصّداق ليس بواجبٍ، وفعله مقرّبٌ من التّقوى، ثمّ هو مستحبٌّ وليس بواجب. ومما يدلّ على أنّ المتعة ليست بفرضٍ، أنّها على حسب حال الرّجل دون حال المرأة، ولم يوجد في النّكاح شيءٌ واجبٌ يكون على حال الرّجل دون المرأة أو حالهما جميعاً، من ذلك صداق المثل والنّفقة». وقال أيضاً في [٦/ ٤٣٤]: «وأمّا المطلّقة قبل الدّخول بها ...... قال الأبهري: وقد روى مالكٌ عن نافعٍ، عن ابن عمر أنّه قال: «لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ، إِلَّا الَّتِي تُطَلَّقُ وَقَدْ فُرِضَ لَهَا صَدَاقٌ وَلَمْ يَمَسّهَا، فَحَسْبُهَا نِصْفُ مَا فُرِضَ لَهَا».
لمن تكون المتعة [٧٠]- (وهي على الحرِّ والعبد، للحرائر والإماء والزّوجات المسلمات والمشركات، إلّا من ذكرناه منهنّ. ولا يحكم بها الإمام ولا يفرضها، ولكن يأمر بها ويندب إليها ويحضُّ عليها) قال في شرح التّفريع [٦/ ٤٣٥]: «قال الأبهري: ولمّا لم يكن بين الحرّ والعبد فرقٌ في حقوق النّكاح - أعني: من المهر والنّفقة - فكذلك لا فرق بينهما في المتعة التي هي من حظوظه، وليس للسيّد منعه من فعلها، كما ليس له أن يمنعه من حقوق النّكاح». وقال أيضاً: «وأمّا قوله: ولا يحكم بها الإمام ولا يفرضها، قال مالكٌ: هي من الحقّ فلا يُقْضَى بها، وقال الشّافعي: هي واجبةٌ ويُقضَى بها، وقد تقدّم ذلك.