قال الأبهري: والفرق بينه وبين الأمة في ذلك، أنّه أهلٌ للعقد على نفسه، وإنّما منع من ذلك من أجل سيده؛ لحقِّ سيِّده. ألا ترى: أنّ سيّده لو أذِنَ له في العقد، جاز له أن يعقد على نفسه. فإذا أجاز عقده جاز؛ لأنّه بمنزلة ما لو ابتدأ العقد بإذن سيّده. وليس كذلك الأمة؛ لأنّها لو أذن لها سيّدها في العقد لما جاز لها أن تعقد على نفسها؛ لأنّها ليست من أهل العقد، فلهذه العلّة قال مالكٌ: إنّ عقد العبد على نفسه يجوز بإجازة السيّد».
زواج الأمة بغير إذن سيّدها [٢٥]- (وإذا تزوّجت أمةٌ بغير إذن سيّدها فإنّه على وجهين: إن باشرت العقد بنفسها، لم يجز بوجهٍ نكاحها وإن أجازه سيّدها. وإن جعلت أمرها إلى رجلٍ فزوّجها فعلى روايتين: إحداهما: أنّه كنكاح العبد، إن شاء السيّد فسخه، وإن شاء تركه. والرواية الاخرى: أنّه باطلٌ على كل حالٍ، ولا يجوز بإجازة السيّد له) قال في شرح التفريع [٦/ ٣١٢]: «فإن باشرت العقد بنفسها، لم يجز نكاحها وإن أجازه سيّدها؛ لأنّ فساده لحقّ الله ﷿ لا لحقّ السيِّد. قال الأبهري: ولأنَّ العقد وقع على فسادٍ، فلا يصح بالإجازة، لأنّ كلّ عقدٍ فاسدٍ وقع فهو على الأصل الذي وقع عليه من الفساد ولا يصحّ بعد ذلك، كتزويج المرأة في عدتها، والمرأة على عمتها. وكذلك الأمة، ليست من أهل العقد على نفسها، فمتى عقدت كان باطلاً لا يجوز وإن أجازه السيّد. وليس ذلك كما لو باعت نفسها فأجاز البيع سيُّدُها، والفرق بينهما: أنَّ الولاية في النّكاح حقٌّ لله تعالى فإذا تزوجت بغير وليٍّ، لم يجز وإن أجازه سيّدها؛