وقال أيضاً: «وجعل اللّيث وابن وهبٍ نفس الوطء رجعةً وإن لم يقصد به الرّجعة. قال الأبهري: وهو قولٌ غير صحيحٍ؛ من قِبَلِ أنّ الرّجعة لمّا كانت استباحةً ورفعاً لمنعٍ قد حدث، لم يكن بدٌّ من فعلها بقصدٍ، كما لا بدّ في الذّكاة التي هي استباحةٌ من قصدٍ، فلو ذبح المجنون ومن لا يعقل، لم تؤكل ذبيحته، وقال ﷺ: «إِنّمَا الأَعْمَالُ بِالِنِّيَّاتِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، والرّجعة عملٌ من الأعمال البدنية، فيها قربةٌ إلى الله ﷿، فيجب أن تكون بنيّةٍ».
حكم إنكاح المراة نفسها ونكاح الشّغار ونكاح المحرم [١٠٩]- (وإنكاح المرأة نفسها، ونكاح الشّغار، والمُحْرِم، على روايتين: إحداهما: أنّه فسخٌ بغير طلاقٍ، والأخرى: أنّه فسخٌ بطلاقٍ). قال في شرح التفريع [٧/ ٢٤٧]: «فوجه القول الأوّل بأنّه فسخٌ بغير طلاقٍ؛ فلأنه نكاحٌ مغلوبان على فسخه. قال الأبهري: إذ ليس يمكن القرار عليه».
حكم فسخ النّكاح في الردّة [١١٠]- (وإذا ارتدّ أحد الزّوجين، انفسخ النّكاح بغير طلاقٍ، وقد قيل: هو فسخٌ بطلاقٍ) قال في شرح التفريع [٧/ ٢٤٨]: «قال الأبهري: فوجه القول الأوّل: هو أنّ الردّة لمّا كانت فِعْلُهُ، وجب أن تكون طلاقاً، كما لو طلّق؛ لأنّ الطّلاق فِعْلُهُ. قال: ووجه القول الثّاني وهو القياس: هو أنّ الردّة يقع الفسخ عنها غلبةً، وإن كانت فعله، كما يقع بملكه امرأته وإن كانت بفعله. ولأنّ علامة الفسخ: هو ما لا يجوز للزّوجين أن يبتدئا عقد النّكاح قبل تغيّر الحال التي من أجلها وقع الفسخ، كملك أحد الزّوجين الآخر، لا يجوز أن يبتدئا نكاحاً بعد