- إمّا أن يكون معلوماً بعينه محدوداً، وذلك كخياطة ثوبٍ معروفٍ بدرهمٍ أو ما أشبه ذلك ممّا العمل فيه معلومٌ والأجل غير معلومٍ أو يكون الأجل معلوماً. - وإن كان العمل غير محدودٍ، وذلك كاكتراء العبد سنةً أو شهراً للخدمة، فمدّة الخدمة معلومةٌ، والخدمة غير معلومةٍ. فأمّا مدّة الجعل فليست معلومةً؛ من قِبَل أنّه لا يدري متى يأتي بعبده الآبق أو بعيره الشّارد، إذ قد تطول مدّة مجيئه وتقصر، غير أنّ ذلك جُوِّزَ لحاجة النّاس إليه؛ إذ قد أُمِروا بحفظ أموالهم وطلبها إذا ضاعت، ونهوا عن تضييعها. فاجتمع الجعل والإجارة: في أنّ الأجرة فيهما معلومةٌ، واختلفا في العمل، فيجب أن يكون في الإجارة بعينه، أو معلّقاً بمدّةٍ معلومةٍ، والجعل يعمل فيه غير محدودٍ إذ لا يمكن ضبطه على ما ذكرنا. وتفترق الإجارة والجعل أيضاً؛ لأنّ عقد الإجارة عقدٌ لازمٌ، وليس كذلك الجعل؛ لأنّ لكلّ واحدٍ منهما أن يرجع فيه قبل حصول العمل. فهذه جملة الإجارة والجعل، والله أعلم».
الغرر في الجعالة [٢٩٧]- (قال مالكٌ ﵁: ولا خير في أن يقول: «بع لي ثوبي، ولك في كلّ عشرة دراهم درهمٌ). قال في شرح التفريع [٨/ ٢٣٦]: «قال الأبهري ﵁: وإنّما قال ذلك لأنّ مقدار الجعل هاهنا مجهولٌ؛ لأنّه لا يدري بكم يبيع الثّوب، وكم يكون عُشر الثّمن الذي هو الجعل، ولا يجوز أن تكون الأجرة في الجعل مجهولةً، وكذلك في الإجارة على ما ذكرنا؛ لأنّه لا بدّ أن يكون أحد الطّرفين معلوماً في الجعل، أعني: الأجرة فيه؛ لأنّه لا ضرورة في كونه مجهولاً كالضّرورة إلى كون العمل فيه مجهولاً، وفي الإجارة