فإن قيل: فقد روي: «أَنَّ النّبي ﷺ تَزَوَّجَ مَيْمَونَةً وَهُوَ مُحْرِمٌ»؟ قيل له: عارضه ما رواه أبو رافعٍ ﵁، قال: «تَزَوَّجَ النَّبَيّ ﷺ مَيْمُونَةَ حَلَالاً، وَكُنْتُ الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا»، وإذا تعارض هذان الحديثان، رجعا إلى ما لا معارض له من حديث عثمان ﵁. وقد روي عن ابن المسيّب أنّه قال: «وهم ابن عباسٍ ﵁، ما تزوّج رسول الله ﷺ إلّا وهو حلالٌ». وقال أيضاً في [٧/ ٤٧]: «قال الأبهري: فإن لم يفسخ حتّى حلّ من إحرامه، لم يثبت النّكاح، بخلاف المريض يفيق من مرضه فإنّه لا يفسخ. والفرق بينهما، هو: أنّ نكاح المحرم إنّما فسخ لعلّةٍ في نفسه، وهو الإحرام، وقد حرّمه النّبي ﷺ، ونكاح المريض إنّما حرّم لعلّةٍ في غيره، وهو إدخال وارثٍ على الورثة، فإذا ارتفعت العلّة، لم يكن للورثة حجّةٌ في فسخ النّكاح، والله أعلم».
شراء المحرم الجواري ووطئه لهنّ [٩٤]- (ولا بأس أن يشتري المحرم الجواري، ولا يطأهنّ حتى يحلّ من إحرامه) قال في شرح التفريع [٧/ ٤٩]: «قال الأبهري: فعُلِم بهذا أنّ عقد النّكاح مخالفٌ لعقد الملك، إذ عقد النّكاح لا يُقْصَد لغير الوطء، فهو سببٌ للوطء وداعٍ إليه، وليس كذلك شراء الأمة؛ إذ قد يشتريها للتّجارة والخدمة».