فأجاز مالكٌ وابن القاسم كراءها قبل أوان الحرث وإن بعد السّنين، فإن كانت غير مأمونةٍ جاز العقد عليها دون النّقد. وإنّما لم يجز النّقد إذا كانت غير مأمونةٍ؛ لأنّه يدخله سلف وإجارةٌ، وذلك غير جائزٍ. قال الأبهري: لنهي رسول الله ﷺ عن بيعٍ وسلفٍ».
فيمن اكترى أرضاً فانقطع ماؤها بعد زرعها [٣٤٦]- (ومن اكترى أرضاً فزرعها، ثمّ انقطع ماؤها فتلف زرعه، سقط عنه كراؤها). قال في شرح التفريع [٨/ ٣٦٦]: «قال الأبهري: لأنّ صاحب الأرض إنّما يستحق الكراء لحصول منفعة الأرض للمكتري، كما يستحقّ البائع الثمن لحصول المبيع في ملك المشتري، فمتى لم تحصل المنفعة للمكتري، لم يكن عليه كراءٌ إذا كان كذلك من قِبَل المكري؛ لأنّ على المكري سقي زرع المكتري وسوق الماء إليه، فمتى لم يفعل ذلك حتى تلف زرعه، لم تكن له الأجرة؛ لعدم منفعة المكتري». وقال أيضاً: «قال الأبهري: وذلك كما يموت العبد أو تنهدم الدّار قبل انقضاء مدّة الإجارة، فلا يكون للمرء أجرة ما بقي من المدّة؛ لأنّ المستأجر لم يصل إلى منفعة ما اكتراه، وتكون الأجرة في مدّة ما انتفع به المكتري. فكذلك كراء الأرض مثله سواءٌ، للمكري من الكراء بقدر ما انتفع به المكتري، إلّا أن يكون ما انتفع به ممّا لا خطر له ولا قيمة، فلا يكون عليه شيءٌ من الكراء».
فيمن اكترى أرضاً فأصاب زرعها جائحةٌ فأتلفته [٣٤٧]- (ومن اكترى أرضاً ليزرعها، فهارت بئرها قبل زرعها، انفسخ كراؤها، إلّا أن يعمر البئرَ ربُّهَا ويتمكّن المكتري من زرعها، فيلزمه كراؤها. وإن زرعها، ثمّ هارت بئرها بعد زرعها، فالمكتري بالخيار: بين فسخ كرائها، وبين أن