والّذي لا يجوز، أن يكون طرفي البيع أو الإجارة جميعاً دَيناً، فإذا كان جميعاً أو أحدهما نقداً، جاز ذلك في البيع والإجارة؛ لخروجه عن الدَّينِ بالدَّينِ المنهيّ عنه. وكذلك لمّا كان له بيع شيءٍ من الأعيان في ذمَّة البائع - أعني: السّلم - فكذلك بيع المنافع المعلّقة بالذمَّة؛ لأنّ الإجارة معاوضةٌ على المنافع، كما أنّ الأثمان معاوضةٌ على الذّوات». وقال أيضاً في [٨/ ١٩٥]: «وأمّا المضمون في الذِّمَّة، فهو أن يستأجر منه دابّةً ليركبها، إمّا إلى موضعٍ، وإمّا إلى أجلٍ بعينه، فهو جائزٌ لمّا قدّمناه. وإنّما اشترطنا النّقد في المضمون؛ لأنّ تأخير النّقد يدخله الدَّين بالدَّين. قال الأبهري ﵁: لأنّ الكراء دَينٌ، والرّكوب مثله؛ وذلك غير جائزٍ، كما لا يجوز ذلك في السّلَمِ».
موت أحد متعاقدي الإجارة. [٢٨٣]- (ولا تبطل الإجارة بموت أحد المتعاقدين مع بقاء العين المستأجرة). قال في شرح التفريع [٨/ ١٩٦]: «قال الأبهري: ولأنّ عقد الإجارة قد ثبت ولزم المتعاقدين إذا كان صحيحاً، وليس لأحدهما أن يرجع فيه ولا لهما جميعاً، إلّا أن يتراضيا على فسخه، كما لا يجوز لهما ذلك في عقد البيع، وإذا كان كذلك، فمن مات منهما كان عقد الإجارة بحاله، يقوم ورثته مقامه، كما يكون ذلك في عقد البيع؛ لأنّ الإجارة هي بيع منافعٍ أباح الله ﷿ بيعها كما أباح بيع الأعيان، وليس ينتقض بيع المنافع بموت أحد المتعاقدين للإجارة قبل مضيّ مدّتها وقبض المنافع، كما لا ينتقض البيع إذا مات أحد المتعاقدين، بل الورثة يقومون مقام الموروث، فكذلك في الإجارة، والله أعلم».