قال الأبهري: فأباح الله ﷿ للعبد بعموم هذه الآية أن يتزوّج أربعاً، كما أباح للحرّ؛ لأنّ العموم من الآية لهما جميعاً. فإن قيل: إنّ العبد ليس يطأ بملك اليمين، وإنما أريد بالآية من يطأ بملك اليمين إذا لم يأمن الجور؟ قيل له: العبد يطأ بملك اليمين عندنا، وذلك قول ابن عمرٍ، وابن عباسٍ، لا يُعْلَم لهما مخالفاً من أصحاب رسول الله ﷺ. فإن قيل: إنّ العبد لمّا كان منقوصاً عن الحرّ في الحرمة والحدود والطّلاق وغير ذلك من الأحكام، وجب أن يكون منقوصاً عنه في التّزويج؟ قيل له: إنما نقص في هذه الأشياء رفقاً به؛ لأنّ الطلاق والحدود شينٌ عليه، فلم يجب أن يساوي الحرّ فيما هو عليه؛ لنقصان حرمته عن الحرّ، فأمّا النّكاح فهو له، فليس يُمنَع من مساواته الحرّ في العدد، كما لا يمنع من مساواته في الوطء وغير ذلك، وكما هو مثله في الأكل والشّرب. قال مالكٌ: وسمعت ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول: «ينكح العبد أربع نسوةٍ». وروى ابن وهبٍ قال: «أخبرني رجالٌ من أهل العلم، عن القاسم، وسالمٍ، وابن شهابٍ، وسعيدٍ، ومجاهدٍ، ويحيى بن سعيدٍ، وكثير من أهل العلم، أنّهم قالوا: ينكح العبد أربعاً». وروى عنه ابن وهبٍ: أنّه لا يتزوّج إلا اثنتين، وهو أحسن؛ لأنّ طلاقه على النّصف من الحرّ، فيكون تزويجه على النّصف من الحرّ».
شرط زواج الحرّ من الأمة [٤٧]- (ولا يجوز للحرّ أن يتزوّج أَمَةً حتى يعدم الطّول للحرِّة ويخاف العنت،