وليس كذلك المفقود؛ لأنّا لا نعلم أنّه قد مات في الأغلب، حتّى يأتي عليه من الزّمان ما لا يعيش لمثله، وإنّما أبحنا لزوجته التّزويج إن شاءت؛ ليزول عنها الضّرر».
تمليك الرّجل امرأته طلاقها [١٣٣]- (وإذا ملَّك الرّجل امرأته طلاقاً، فقال لها: أمرك بيدك، فلم تجبه حتى افترقا من مجلسهما، ففيها روايتان: إحداهما: أنَّ التّمليك ساقطٌ. والرّواية الأخرى: أنَّ التَّمليك ثابتٌ. فإن أجابته فقالت: «قد قبلت، أو رضيت، أو اخترت» ثم افترقا قبل أن توقع طلاقاً، فالتّمليك صحيحٌ ثابتٌ. فإن قالت: «قد قبلت نفسي أو اخترت نفسي»، لزمه الطلاق بهذا القول. وإن قالت: «قد قبلت أمري»، فإن أرادت الطّلاق، فذلك لها، وإن لم ترد الطّلاق، فلا يكون طلاقاً. وإن قالت: «قد قبلت نفسي ولم أرد طلاقاً»، فقد طلقت، ولا يقبل قولها). قال في شرح التفريع [٧/ ٨٣]: «وقد بسط الأبهري في توجيه هذين القولين، فقال: قوله: إنّهما إذا افترقا من المجلس فلا خيار لها بعد ذلك؛ فلأنّ التّمليك كلامٌ يقتضي الجواب في الحال، فإن أجابته باختيار نفسها، فلها ذلك، وإن فارقته قبل أن تختار نفسها، كما لو قال رجلٌ لرجلٍ: قد بعتك سلعتي، ولم يقل: المشتري قد اشتريتها، وافترقا، لم يكن للمشتري أن يختار البيع بعد ذلك؛ لأنّ قوله: قد بعتك، اقتضى جواباً في الحال لا ما بعده، فإذ لم يجب فقد ترك البيع وعدل عنه، فكذلك المرأة إذا لم تختر نفسها في الحال حتى تفرّقا، فلا شيء لها بعد ذلك. وهذا قول مالكٍ الأوّل، وعليه أكثر أهل العلم.