قال الأبهري ﵀: لأنّ النّكاح ليس يجري أمره مجرى البيع؛ لأنّ البيع موضوعٌ على المتاجرة والمكايسة والاستقصاء فيه، هذا هو الغالب دون النّادر. ألا ترى: أنّه لا يجوز البيع بغير ثمنٍ مسمّى. وليس كذلك النّكاح؛ لأنّ الغرض فيه المواصلة والمكارمة وحصول حرمة النّسب والصّهر، لا المتاجرة والمكايسة. ألا ترى: أنّه يجوز النّكاح بغير مهرٍ مسمّى، إذ الغرض فيه ليس المهر، ولا يجوز ذلك في البيع؛ لأنّ الغرض فيه الثّمن دون غيره. وإذا كان كذلك، أخذ الشّفيع الشّفعة بقيمة الشّقص لا بمثل مهر المرأة، وقد يكون مهر المرأة ألفاً وسامحته الزّوجة وأخذت منه شقصاً قيمته مئة، فلو ألزمنا الشّفيع أن يأخذ الشّقص بالألف، كنّا قد حِفْنَا عليه وأعطينا المرأة أكثر ممّا عاضت به. وقد تكون أيضاً قيمة الشّقص ألفاً ومهر المرأة مئةً، فلو جعلنا للشّفيع أخذ الشّقص بمئةٍ وهو يساوي ألفاً، كنّا قد حفنا على المرأة وأذهبنا بفضل الزّوج عليها، فكان الأعدل في ذلك قيمة الشّقص. وهذه هي الحُجَّة في الخلع ودم العمد؛ إذ لا قيمة معلومة لها، فكان الأعدل الرجوع إلى قيمة الشّقص».
فيمن باع ما فيه الشّفعة وما لا شفعة فيه صفقةً واحدةً [٣٨٨]- (ومن باع ما فيه الشّفعة وما لا شفعة فيه صفقةً واحدةً، فللشّفيع أن يأخذ ما فيه الشّفعة بحصّته من الثّمن). قال في شرح التفريع [٩/ ٣٢٩]: «وليس للشّفيع أخذ العرض ولا ذلك عليه إن أباه؛ لأنّه لا يلزمه أن يأخذ ما لا شفعة فيه. قال الأبهري: ولأنّ في أخذه ما لا شفعة له فيه ضررٌ عليه، فليس يلزم ذلك».