والفرق بينهما: هو أنّ الذي ردّت شهادته، يتَّهم أن يكون يريد إجازتها. قال الأبهري: لأنّ في ردّها نقصاً عليه، فلهذه العلّة لم يجز قبول شهادتهم إذا أدّوها بعد زوال الحال التي من أجلها ردّت شهادتهم. ألا ترى: أنّ الفاسق إذا شهد بشهادةٍ على شيءٍ من الأشياء فرُدّت شهادته، ثمّ زال فسقه فأداها بعد زوال فسقه، لم تقبل شهادته التي ردّت عليه في حال فسقه؛ لأنّه يُتّهم على تنفيذ قوله الذي ردّ عليه، ولا خلاف في هذا بين أهل العلم نعلمه. وكذلك ما ذكرنا؛ لدخول التّهمة، بخلاف من لم يؤدّها قبل ذلك، فإنها لم تردّ، فلم تلحقه في ذلك تهمةٌ. قال الأبهري: ولا خلاف في ذلك».
شهادة الكتابيين على بعضهم أو على المسلمين [٤٢٩]- (ولا تجوز شهادة النّصرانيّ واليهوديّ بعضهم على بعضٍ، ولا على المسلمين ولا لهم) قال في شرح التفريع [٨/ ٣٩٥]: «وأمّا قوله ﵎: ﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ [المائدة:١٠٦]، قال ابن القاسم: هي منسوخةٌ بقوله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق:٢]. قال الأبهري: وقيل في قوله تعالى: ﴿مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ أي: من غير قبيلتكم. فإن قيل: إنّ بعضهم لا يتّهم على بعضٍ في الشّهادة، فوجب قبول شهادة