فإن دخل بها الثّاني، فهو أحقُّ بها، ولا سبيل للأوّل عليها). قال في شرح التّفريع [٧/ ٣٢١]: «قال الأبهري: لأنّها لمّا تزوّجت بعد العدّة، فقد فعلت ما لها أن تفعله وصار الثّاني زوجها، فلا يجوز إبطال زوجيّتها، منزلة ذلك منزلة الحاكم إذا حكم بما يجوز له أن يحكم فيه باجتهاده، أنّ حكمه ماضٍ ولا يجوز له ردّه؛ لأنّه فعل ما يجوز له فعله، وكذلك هذه المرأة». وقال أيضاً في [٧/ ٣٢٢]: «ثم رجع مالكٌ فقال: الأوّل أحقّ بها ما لم يدخل الثّاني، وبه أخذ ابن القاسم وأشهب. قال الأبهري: لأنّ الأوّل أقوى سبباً، إمّا لتقدّم عقده، أو مقارنة الوطء إلى عقده إن كان دخل بها، فكان أقوى سبباً من الثّاني، فصار أولى بهذه العلّة». وقال أيضاً: «ولم يختلف قول مالكٍ أنّ دخول الثّاني بها فوتٌ. قال الأبهري: لأنّها لمّا نكحت الثّاني بعد خروجها من العدّة، فقد فعلت ما يجوز لها فعله؛ لأنّ الله ﷿ قد أباحها التّزويج، فاستوى تزويج الثّاني في أنّه كالأوّل زوجٌ وله زيادة قوّةٍ على الأوّل وهو دخوله بها، فكان أولى لهذه العلّة؛ لأنّه بلغ في النّكاح أقصى ما يراد منه، وقد تكاملت حرمته وثبتت حقوقه، من وجوب المهر، ووقوع الحصانة، وثبوت التحريم بالنّسب والصّهر».
حكم زوجة الأسير [١٣١]- (ومن أسره المشركون، لم يجز لامرأته أن تتزوّج حتى يثبت موته أو طلاقه). قال في شرح التفريع [٧/ ٣٢٤]: «قال الأبهري: ولأنّ الأسير معذورٌ بتأخيره عن زوجته؛ لأنّه ممنوعٌ من ذلك، لا اختيار له في ترك مجيئه إليها، وعذره في ذلك بيّنٌ، فأشبه المريض إذا لم يقدر على وطء زوجته، أنّه لا يفرّق بينه وبينها. وهو بخلاف المفقود؛ لأنّه لا يُعلَم أنّه معذورٌ بترك مجيئه إليها، وليس عذره ظاهراً