ووجه الرّواية الثّانية: هو أنّ الخطّ يعمل عليه ويشبه به، لم يحكم بذلك، وهذا هو الصحيح، والله أعلم». وقال أيضاً في [٨/ ٤٨٢]: «والرواية الأخرى: أنّه لا يحكم له بذلك. قال الأبهري: لأنّه قد يُكتب على الكتاب، وهذا هو الصّحيح».
باب التّحكيم لغير القاضي [٤٥٣]- (وإذا حكّم الرّجلان رجلاً بينهما، فحكم بينهما، فرضي أحدهما بحكمه وسخطه الآخر، لزمهما حكمه إذا حكم بما يجوز بين النّاس، وسواءٌ وافق حكم قاضي البلد أو خالفه، ما لم يخرج بحكمه عن إجماع أهل العلم). قال في شرح التفريع [٨/ ٤٩٠]: «قال الأبهري: لأنّهما لمّا حكّماه، فقد رضيا بحكمه، فيلزمهما حكمه لإلزامهما أنفسهما به ورضاهما بذلك، كما يلزم المسلمين حكم الحاكم إذا اختاروه ورضوه، وكذلك يلزمهم حكم الإمام إذا نصّبوه واختاروه؛ لأنّهم رضوا بذلك. وهذا إذا حكم بغير جورٍ أو خطأٍ بيِّنٍ؛ لأنّ ما حكم به له وجهٌ في الاختيار، وسواءٌ كان ذلك رأي قاضي البلد أو غير رأيه. ألا ترى: أنّ المستفتي يجوز له أن يقبل قول من يفتيه من أهل العلم، وإن كان خلاف رأي الإمام الذي يلي النّاس، فكذلك يجوز حكم من حكّماه وإن كان خلاف رأي الإمام الذي هو حاكم البلد. وأمّا إذا حكم بجورٍ أو خطأٍ بيّنٍ، لم يلزمهما ذلك، كما لا يلزم حكم الإمام العالم إذا حكم بخطأٍ أو جورٍ؛ لأنّ ذلك خلاف حكم الله تعالى، ولا يجوز للحاكم ولا لمجتهدٍ أن يخرج عمّا أجمع عليه المسلمون، ومتى خرج عن ذلك، كان حكمه ورأيه مردوداً».