ولأنّ كلّ عدّةٍ لزمت المسلمة لزمت الكتابية عن المسلم، أصله وضع الحمل. ووجه القول بأنّ عليها الاستبراء بثلاث حيضٍ، هو أنّ العدّة بالشّهور عبادةٌ محضةٌ على المسلمة، فلم تلزم الكافر، كالصّلاة وغيرها. ولأنّ ما يتعلّق به حقّ النّسب للمسلم هو الاستبراء، وذلك لازمٌ لها، فأمّا ما زاد عليه فحقٌّ لله تعالى، وذلك لا يلزم الكافرة. قال الأبهري: ولأنّ الله ﷿ إنّما خاطب بالعدّة المؤمنين في أزواجهم المؤمنات؛ لأنّ الأغلب من تزويج المؤمنين إنّما هو للمؤمنات لا الكافرات؛ لأنّ تزويجهم بالكافرات نادرٌ، والكلام إنّما يخرج على الغالب، فلم تدخل في قوله: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ الآية، فعليها أن تستبرئ نفسها بثلاث حيضٍ؛ لأنّ ذلك حقٌّ لله ﷿ فوجب؛ من أجل حقّ الآدمي وهو النّسب. فأمّا الأربعة أشهر وعشراً فهي حقٌّ لله ﷿، لا مدخل للآدميّ فيه؛ لأنّ ذلك عبادةٌ لا من أجل الاستبراء. ألا ترى: أنّها تجب على الصّغيرة وليس منها استبراء، وحقوق الله ﷿ لا تلزم الكفّار. قال الأبهري: والأوّل أظهر».
عدّة أمّ الولد [١٨٢]- (وعدّة أمّ الولد من وفاة سيّدها حيضةٌ إذا كانت ممن تحيض، فإن كانت مؤيسةً من حيضها، فثلاثة أشهرٍ عدّتها، وإن كانت مرتابةً أو مستحاضةً فتسعة أشهرٍ عدّتها). قال في شرح التفريع [٧/ ٣٧٨]: «قال الأبهري: فإن قيل: إنّ استبراء أمّ الولد مخالفٌ لاستبراء الأمة؛ لأنّها تُستَبرَأ في حال الحرّية، وليس كذلك الأمة، فأشبهت أمُّ الولد إذا عتقت في الاستبراء الحرّةَ؛ لأنّهما جميعاً تستبرئان في حال الحريّة؟