قال في شرح التفريع [٨/ ٣٥٧]: «قال الأبهري: لأنّهما قد عملا جميعاً، ويتراجعان فيما بينهما كما وصفه مالكٌ، فيكون لصاحب البذر على صاحب الأرض نصف مكيلة بذره، كأنّه أقرضه ذلك، ويكون لصاحب الأرض نصف كراء أرضه؛ لأنّه أكرى نصف أرضه بنصف بذرة الآخر».
فيما إذا دفع رجلٌ إلى رجلٍ بذراً يبذره في أرضه على أنّ الزرع بينهما نصفان. [٣٤٣]- (وإذا دفع رجلٌ إلى رجلِ بذراً يبذره في أرضه، على أنّ الزرع بينهما نصفان، فالزرع كلّه لصاحب الأرض، وعليه مكيلة البذر لربّه. وإذا دفع رجلٌ إلى رجلٍ أرضاً يبذرها ببذرٍ من عنده على أنّ الزّرع بينهما نصفان، فالزّرع كلّه لزارعه، ولصاحب الأرض كراء المثل في أرضه). قال في شرح التفريع [٨/ ٣٦٠]: «قال الأبهري: لأنّ صاحب الأرض قد أكرى الأرض من صاحب البذر بما يعطيه صاحب البذر من الزّرع، وذلك غير جائزٍ، فكان الزّرع له، وعليه لصاحب البذر مكيلة بذره الذي أخذه منه». وقال أيضاً في [٨/ ٣٦١]: «قال الأبهري: وإنّما قال مالكٌ: إنّ الزّرع لصاحب البذر؛ لأنّه تولّى زرعه بنفسه أو أعوانه، فصار الزرّع له بعمله، وعليه أجرة الأرض لصاحب الأرض. ولا يكون لصاحب الأرض من الزّرع شيءٌ؛ لأنّه لا يجوز لصاحب الأرض أن يُكري أرضه بشيءٍ من الطّعام. ولأنّ الجزء الذي يأخذه لأجرة أرضه مجهول الكيل، وذلك كلّه غير جائزٍ. وأصل هذا الباب عند مالكٍ، أنّه يراعى في الشّركة في الزّرع سلامة كراء الأرض بالطّعام، فإن سلما من ذلك وعقدا الشّركة على ما يجوز عقدها من التكافؤ في العمل والمؤنة بعد ذلك، فإنها تجوز.