[٢٨٥٨] قال عبد الله بن عبد الحكم: قلت لمالكٍ: أرأيت من أعتق بعض عبده بعد موته، أَيَعْتَقُ عَلَيْهِ فِي ثُلُثِهِ كُلُّهُ؟
قال: لا يَعْتَقُ عليه إلَّا ما أَعْتَقَ منه، ويكون ما بقي رقيقاً لورثته.
وإن أَعْتَقَ فبتَّ عِتْقَهُ في مرضه، أُعْتِقَ عليه بقيَّته في ثلثه (١).
• إِنَّمَا قالَ ذَلِكَ؛ لأنَّهُ إذا أعتقه بعد موته في وصيَّته، لم يعتق منه إلَّا ما أوصى بعتقه؛ لأنَّهُ لم يباشر عِتْقَه في حال حياته، وإنّما تقدَّم في ذلك إلى غيره، فإنما يقع العتق وقد صار سائر ماله لورثته، إلَّا ما أوصى فيه بعتقٍ أو غيره، فلم يجز أن يكمل عتق كلِّه عليه؛ لزوال ملكه إلى غيره في حال عتقه.
ألاترى: أنَّه لو برأ من مرضه، لم يعتق عَلَيْهِ ما أوصى بعتقه.
فأمَّا إذا بتَّ عتقه في مرضه، أعتق عليه كلُّه في مرضه من ثلثه؛ لأنَّهُ قد باشر العتق وأوقعه في حال حياته، وفي وقتٍ هو مالكٌ لماله، فكمل ذلك في ثلثه الَّذِي له التصرُّف فيه، كما لو أعتقه وهو صحيحٌ، لكمل ذلك في ماله كلّه؛ لأنَّ سبيل المريض في ثلث ماله في جواز تصرفه فيه ولزوم الأحكام فيه، كسبيل الصَّحيح في ماله كلّه.