قيل له: هذا الخبر على الخصوص، بدلالة أنّ رجلاً لو ادّعى على رجلٍ أنّه زنا، لكان على المدّعي البيّنة ولم تكن على المدّعى عليه يمينٌ، فثبت بهذا أنّه ليس على العموم. على أنّ هذا الحديث إنّما هو في الموضع الذي يمكن إقامة البينة؛ لأنّ الله تعالى جعل البيّنة للتوثّق فيها في الحقوق إذا وقع فيها التنازع، فإذا كان موضعٌ لا يمكن حضور البينة فيه، فليس هو الموضع الذي ألزم فيه المدّعي البيّنة؛ لأنّه لا يمكنه إحضارها ولا التوثق بها، فلهذه العلّة قال مالكٌ: القول قولها مع يمينها».
بابٌ فيمن يحرم نكاحه من النساء [٤٣]- (ويحرم على الرّجل من النّساء: زوجات أبيه، دخل بهنّ أو لم يدخل بهنّ، مات عنهنّ أو طلّقهنّ. وكذلك يحرم عليه من وطئها أبوه من الإماء أو باشرها للّذة، أو قبّلها، أو مسّ فرجها، فحرامٌ على الابن وطؤها) قال في شرح التفريع [٦/ ٣٧٣]: «وكذلك لا يجوز للابن أن يتسرّر بها إن كانت أمةً؛ إذ لا فرق بين أن يطأها أبوه بعقد نكاحٍ أو بملك يمينٍ .... قال الأبهري: ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم».
في وقوع الحرمة بالزّنا [٤٤]- (وإن زنا بها الأب، فقد اختلف قوله في تحريمها على الابن، فقال مرَّةً: تحرم عليه، وقال مرَّةً أخرى: لا تحرم عليه، وكذلك من زنا بها الابن، وكذلك اختلف قوله في تحريم الأمّ بالزّنا بالبنت، وتحريم البنت بالزّنا بالأم). قال في شرح التفريع [٦/ ٣٧٥]: «قال الأبهري: وممّا يدلّ على أنّ الزنا لا تقع الحرمة به، أنّ رجلاً لو زنا بامرأةٍ فحدث له منها بنتٌ، لجاز لأخيه أن يتزوّج بهذه الأنثى التي تولّدت عنه عندنا وعند من يخالفنا في تحريم الزّنا، فلو قام الزّنا في الحرمة مقام