وسواءٌ كانت موسرةً أو معسرةً؛ لأنّها إن كانت موسرةً، فعتقها جائزٌ، وإن كانت معسرةً فقد أذن لها في ذلك؛ لأنّه لمّا أصدقها من يعتق عليها، فقد دخل على ذلك ورضي به، فجاز عتقها، وكان بمنزلة الغريم يخبر عتق الذي عليه الدّين. فلهذا المعنى قال مالكٌ: إنّ عتقها جائزٌ، موسرةً كانت أو معسرةً، وعليها نصف قيمته إن طلقها، يأخذ منها إن كانت موسرةً، وإن كانت معسرةً أتبعها به ديناً في الذّمّة؛ لأنّه على ذلك دخل. وهذه رواية ابن القاسم وابن عبد الحكم، قال ابن القاسم: وقد بلغني عن مالكٍ أنّه استحسن أن لا يرجع الزّوج على المرأة بشيء، وقوله الأوّل أحبّ إليّ. ووجه ما استحسنه مالكٌ، هو أنّه لمّا أعطاها العبد وهو يعلم أنّه لا يثبت ملكها عليه، فكأنّه أعطاها إيّاه على أن لا يرجع عليها بشيءٍ، وهو قول عبد الملك. قال الأبهري: ورواية ابن القاسم أصحّ، والله أعلم».
في المرأة تضع شيئاً من صداقها على ألّا يتزوّج زوجها عليها [٤١]- (ومن تزوّج امرأةً على صداقٍ، ثمّ وضعت عنه بعضه على ألّا يتزوّج عليها، فتزوّج عليها، رجعت عليه بما وضعته عنه من صداقها). قال في شرح التفريع [٦/ ٣٦٤]: «قال الأبهري: لأنّها إنّما وضعت شيئاً قد وجب لها على عوضٍ يصير إليها منه منفعة، فمتى منعها من ذلك، لم يستحقّ ما قد وضعته عنه، كما لا يستحقّ المؤاجر الأجرة متى منع المستأجر أن ينتفع بما استأجره، وكذلك لا يستحق البائع الثمن متى منع المشتري من تسليم ما باعه». وقال أيضاً: «واختلف إذا شرطت ذلك في أصل العقد وحطّت عنه لذلك شيئاً من صداقها، ثم فعل شيئاً مما شرطت عليه، هل ترجع عليه بشيء أم لا: فقال مالكٌ: لا ترجع بشيءٍ ويبطل الشرط، إلّا أن يكون فيه عتقٌ أو طلاقٌ.