فإذا ثبت ذلك، لم تكن عليه قيمةٌ لصاحبه، بدلالة جواز قتل المسلم متى أراد قتل غيره، وهو أعظم حرمةً من الجمل وغيره من الحيوان، فلمّا لم يكن عليه في الحرّ المسلم الدّية إذا أراد قتله، فكذلك لا تجب عليه قيمة الجمل الصّائل لصاحبه. فإن قيل: إنّ الإنسان إذا أراد قتل غيره، فقد أبطل حرمة نفسه بفعله ما لا يجوز وما يُسْتَحَلُّ به دَمُهُ، فأشبه ذلك الزّاني، والقاتل، فإنّ قتلهم جائزٌ لما فعلوه، وليس كذلك الجمل الصّائل؛ لأنّه لا إرادة له في قتل نفسه؛ بل تجب قيمته لصاحبه؛ لأنّه ملك غيره؟ قيل له: لو وجب فيه قيمته لأنّه ملك غيره، لوجب أن تكون عليه قيمة العبد إذا أراد قتل غيره، فلمّا لم تجب في العبد قيمةٌ وإن كان ملك غيره، فكذلك الجمل. فإن قيل: إنّ العبد له إرادةٌ، وليس كذلك الجمل؟ قيل له: وكيف تسقط القيمة التي للسيّد بإرادة غيره، وهو العبد، فإذا جاز ألّا تكون للسيّد قيمة عبده بجنايته وإن لم يكن للسيّد في ذلك صنعٌ، جاز أن لا تكون له قيمة جمله بجناية جمله، سواءٌ كانت له إرادةٌ أو لم تكن.
كتاب الرضاع التحريم بالرّضاع يحصل بالمصّة الواحدة ورضاع الكبير [٣٥٩]- (والمصّة الواحدة من الرّضاع محرّمةٌ. وتحريم الرّضاع في الحولين وما قاربهما كالشّهر ونحوه، ولا حرمة له بعد ذلك). قال في شرح التفريع [٧/ ٦٥]: «قال الأبهري: فإن قيل: فقد روي عن عائشة ﵂ أنّها قالت: «كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ القُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ الله ﷺ وَهُنَّ فِيمَا يُتْلَى مِنَ القُرْآنِ»؟