للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


قيل له: معنى هذا الخبر: إنّ ممّا نزل من حكم القرآن، لا أنّها كانت قرآناً؛ لأنّها لو كانت قرآناً لوجدت، وليس يجوز عندنا أن يرفع الخطّ والرّسم ويبقى الحكم.
والدليل على أنّ السنَّة تُتلى وتُذكَر كما يذكر القرآن ويتلى، قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ [الأحزاب:٣٤] فآيات الله القرآن، والحكمة: معنى القرآن وسنَّةُ رسول الله ، وذلك يتلى ويذكر كذكر القرآن وتلاوته، وإذا كان كذلك، كان تحريم الرّضاع بعشرٍ هو سنّة رسول الله ، لا بقرآنٍ وقد نسخ؛ لأنّ تحريم الرّضاع كان قديماً في الجاهليّة، ثمّ جاء القرآن بإقراره بعد أن كان النّبِيّ جعل للتحريم حدّاً، ثمّ زال ذلك كلّه وجاء القرآن بالتّحريم من غير تحديدٍ.
قال الأبهري: ومما يدلّ على صحّة ما قلنا: إنّ الخمس رضعاتٍ ليس بحدٍّ في التّحريم، أنّ عائشة روت التّحريم بعشرٍ وأنّه نسخ بخمسٍ، وكانت لا ترى التّحريم يقع بخمسٍ، فلو كان العشر منسوخاً بخمسٍ لكانت تأخذ به، فدلّ على أنّ تحريم الخمس لم يكن بمستقرٍّ ولا هو بحدٍّ محدودٍ، وإذا كان كذلك، وجب أن يؤخذ بظاهر القرآن وسنن رسول الله على ما ذكرناه وبينّاه.
قال الأبهري: فإن قيل: فقد روي عن النّبِيّ أنه قال: «لَا تُحَرِّمُ المَصَّةُ وَلَا المَصَّتَانِ»؟
قيل له: معنى هذا الحديث حين كانت العشرات محرِّمةً.
ألا ترى: أنَّ ظاهر هذا الحديث يوجب تحريم ما زاد على المصّتين، وليس يقول ذلك مخالفنا في هذه المسألة، فكذلك تحريم ما دون الرّضعة والرّضعتين ليس يمنع أن يكون ذلك واجباً بالدليل الذي ذكرناه.
على أنّ هذا الحديث غير متَّفَقٍ على إسناده؛ لأنّه يقال تارةً عن عبد الله بن الزبير عن النّبِيّ ، وتارةً عن عبد الله بن الزّبير، عن عائشة ، وصحّتُهُ من قول عائشة ».

<<  <  ج: ص:  >  >>