ولمّا لم تجز في الشّهادة في الأموال والحدود غير الأموال، ثمّ جازت الشّهادة على الشّهادة في الأموال، فكذلك تجوز الشّهادة على الشّهادة في الحدود؛ لأنّ ما يوجب أحدهما في العدالة كالأخرى، وكذلك في جواز الشّهادة على الشّهادة، يجب أن يكون مثله في الجواز، والله أعلم».
في رجوع الشّهود عن الشّهادة بعد الحكم بها [٤٤٨]- (وإذا شهد الشّاهدان بشهادةٍ، ثمّ رجعا عنها، وذكرا أنّهما غلطا، لم ينتقض الحكم بشهادتهما، وغرما ما أتلفاه على المشهود عليه بشهادتهما. وكذلك لو تعمّدا الكذب. وقال عبد الملك: لا شيء عليهما إذا غلطا، وعليهما الغرم إذا كذبا، ولو رجع أحدهما عن شهادته، غرم نصف ما شهدا به. ولو شهدا على رجل بالقتلٍ فقتل بشهادتهما، ثمّ رجعا وأقرّا بالكذب أو الغلط، غرما الدّية، وكانت على العاقلة، ولم يلزمهما القود. وقال أشهب: يقتصّ منهما إذا تعمّدا، ويغرمان الدّية إذا غلطا) قال في شرح التفريع [٨/ ٤٤٠]: «فوجه القول بأنّه لا يقتصّ منهما في العمد، وهو أنّ شهادتهما سببٌ لا مباشرة، فلم يجب القود. قال الأبهري: لأنّهم لمّا لم يباشروا القتل بأنفسهم، ولا كان ذلك عن أمرهم، فلم يشبهوا المباشرة للقتل ولا الأمر؛ لأنّ الحاكم لو شاء ردّ شهادتهم، وثبت في أمرهم حتى يتبيّن الحال». وقال في [٨/ ٤٤١]: «ووجه إيجاب القود، ما رُوِيَ عن عليّ ﵁: «أنّه جَاءَهُ شَاهِدَانِ، فَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا سَرَقَ، ثُمَّ جَاءَاهُ بِآخَرَ فَقالَا: وَهِمْنَا، لَا نَدْرِي هُوَ هَذَا أَمْ هَذَا، فَرَدَّ شَهَادَتَهُمَا وَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا الكَذِبَ لَقَطَعْتُكُمَا».