قال في شرح التفريع [٩/ ٣١٢]: «قال الأبهري: ولأنّ الحمّام بيتٌ يُنتفع به كسائر البيوت، فليس يمنع من قسمته وإن تغيّر عن حاله؛ لأنّ القسمة لا بدّ أن تبين منافع المقسوم عمّا كانت عليه قبل ذلك، وكذلك الحمام وإن تغيّرت منفعته، وجب قسمه». وقال أيضاً: «قال اللخمي: وقال مرّةً: لا يقسم … قال الأبهري: ولأنّ الحمّام إذا قسم، بطل الانتفاع به بوجه ما كان عليه قبله، لأنّه لا يكون حمّاماً، وليس كذلك الدّار والبيت؛ لأنّهما يكونان كذلك بعد القسم».
كتاب الشّفعة [٣٨١]- (والشُّفعة في الدّور والأرضين والحوانيت مستحقّةٌ، ولا شفعة في عرضٍ ولا حيوانٍ. والشفعة للخليط، وليس للجار شفعةٌ). قال في شرح التفريع [٩/ ٣١٣]: «قال الأبهري: ولأنّ العلماء لم يختلفوا أنّ الشّفعة فيما لم يقسم، وإنّما الخلاف فيما قد قسم. فقال مالكٌ: لا شفعة للجار، وقال غيره من أهل العراق: إنّ له الشّفعة. وذهبوا إلى أثرٍ رواة الحسن، عن سمرة ﵁، أنّ النّبيَّ ﷺ قال: «الجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ». وروى عبد الملك العذري، عن عطاءٍ، عن جابر ﵄، عن النّبيِّ ﷺ أنّه قال: «الشُّفْعَةُ لِلْجَارِ، يُنْتَظَرُ بِهَا وَإِنْ كَانَ غَائِبَاً، إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدَاً». قيل له: معنى هذه الأحاديث - إن صحّت - هو الخليط؛ لأنّ اسم الجار يقع على المُقَاسِم والخليط، ثمّ بيّن ذلك النّبيُّ ﷺ في حديث أبي هريرة عن النّبيِّ ﷺ: «أَنَّهُ قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ، فَلَا شُفْعَةَ»، وهذا نصٌّ يمنع التّأويل أنّ الجار إنّما أريد به المقاسم لا الخليط.