للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من قِبَل أنَّ دَين المرتهن واجبٌ في ذمَّة الراهن، وهو حقٌّ من الحقوق، فليس يسقط ذلك بتلف الرهن.

وكذلك زيادة قيمة الرهن عن الدَّين حقٌّ للراهن عن المرتهن يأخذها منه؛ لأنّه ليس مؤتمناً على الرهن فيكون القول قوله مع يمينه في تلفه، إلّا أن يُعْلَم تلفه بغير قوله، فلا يكون عليه شيءٌ.

والدليل على أن المرتهن ليس بمنزلة المؤتمن، أعني: المودع، أنَّ المرتهن إنّما قبض الشّيء لمنفعة نفسه وتعَلُّقِ حقِّه بالرهن، وأنه أولى به من الغرماء في الفلس والموت، فكان قبضه الرهن لمنفعته دون منفعة الراهن، فأشبه ذلك المستقرض أنَّ قبضه الشّيء لمنفعة نفسه.

ولم يشبه المودَعَ؛ لأنَّ قبض المودَعِ منفعته لربه دونه، فكان الرهن أصلاً في نفسه ليس يشبه الوديعة أَنَّهَا أمانة، ولا يشبه الغصب أنّه تعدٍّ مجرَّدٌ، فيضمن بكل وجه.

لكنه إذا عُلِم أنَّ تلفه بغير صنعه، أو أنَّ ذلك قد تلف، فلا قيمة على المرتهن، وإنما هو غير مصدَّقٍ على التلف لِمَا ذكرنا.

فإذا عُلِم تلفه، فهو من مال الراهن، لقول رسول الله : «الرَّهْنُ مِمَّنْ رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» (١)، أي: تلفه.


(١) أخرجه الدارقطني [٣/ ٤٣٧]، بلفظ: «لا يغلق الرهن، لصاحبه غنمه، وعليه غرمه»، وهو عند ابن ماجه [٣/ ٥٠٨] وغيره مختصراً، وفي التحفة [١٠/ ٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>