للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحجة فيه ما ذكرنا: أنَّ الوارث المقرّ بالدَّين يقول لرب الدَّينِ: «ليس إذا جحدك غيري وظلمك ومنعك من حقِّك، جاز لك أن تمنعني من حقِّي وتظلمني»، وإذا كان كذلك، وجب عليه أن يعطيه ما يخصُّه من الدَّين، لا كلّ ما في يده، إلّا أن يكون الدَّين مثل الميراث الذي أخذه الورثة، أو يكون محيطاً به، فعليه دفع ذلك كله إلى المُقَرِّ له بالدَّيْنِ؛ لأنَّ أحداً من الورثة لا يرث مع الدَّين شيئاً، وإنما يرث ما فضل عن الدَّيْنِ، والله أعلم.

فإن كان المُقِرُّ ممن تجوز شهادته، حلف المُقَرُّ له مع شهادته واستحق حقه؛ لوجوب الحكم بالشاهد واليمين على ما ذكرناه، وإن كان ممن لا تجوز شهادته ولا إقراره، لم يُحْكم بشهادته ولا إقراره؛ لأنَّ إقرار السفيه والمحجور عليه غير جائزٍ على نفسه وماله، والله أعلم.

فإن قيل: فيجب أن يَدْفَع المُقِرُّ المالَ إلى المُقَرِّ له وإن كان غير (١) معروف النسب، على ما ذكرت من أنَّ المال يثبت وإن لم يثبت النسب؟

قيل له: لسنا نحفظ عن مالكٍ ولا عن أصحابه القدماء شيئاً في هذا، والذي كان يقوله شيوخنا ممن أدركنا، والذي أقوله أنا: «إنَّ عليه أن يعطيه المال، معروف النسب كان أو مجهولاً»؛ لأنَّ ذلك إنّما هو إقرارٌ بالمال من غير ثبوت نسبٍ، فلا فصل بين أن يكون المُقَرُّ له معروف النسب أو مجهولاً، ولو لزمنا ذلك، للزمه أن لا يُحَرِّمَ زوجة المُقِرِّ بأنها أخته إذا كانت معروفة النسب، وهو فيُحَرِّمُهَا بهذا القول، كما يُحَرِّمُ عليه مجهولة النسب وإن لم تثبت الأخوَّة،


(١) قوله: «غير» مثبتة فوق السطر، ولعلَّ الصواب عدم إثباتها، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>