للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فإن وجدوا باطلاً، كان ذلك لهم، إلّا أن ترضعه أمه كذلك.

ولا يُقْبَل في ذلك قول الأب: «إني قد وجدت»، حتى يُعْلَم ذلك، وليس له أن يأتي بمن يضار الأم برضاعةٍ باطلاً (١).

• إنّما قال ذلك؛ لأنَّ على أبي الولد وأوليائهم أن يفعلوا بالولد وماله ما هو صلاحٌ لهم، فإذا وجدوا من ترضعه بأجرةٍ هي أقل من أجرة الأم استرضعوا غير الأم؛ لأنَّ في ذلك توفيراً لمالهم.

وكذلك إن وجدوا من يرضعهم بغير شيءٍ، ارتضعوا له ولم يدفعوا أجرة الرضاع إلى الأم إذا طلبت ذلك، إلّا أن ترضعهم بمثل الأجرة التي ترضع غيرها، أو ترضع بغير شيءٍ، فتكون الأم أولى بهم؛ لأنّه قد توفِّر عليهم مالهم، وهي أشفق عليهم وأرفق بهم من غيرها، فصارت أولى بإرضاعهم لهذه العلة.

وكذلك إذا كان الأب قليل ذات اليد فوجد من يرضع ولده بأجرةٍ قليلةٍ أو بغير شيءٍ، فله أن يدفع ذلك إليهم دون أبيهم (٢)؛ لأنَّ في ذلك رفقاً به إذا لم يقصد بذلك الضرر بالولد وأمهم.

فأمّا إن كان غنياً لا تُؤَثِّرُ عليه أجرة رضاعهم، فليس له أن يعدل بهم عن أمهم إلى غيرها وإن كانت ترضع بغير شيءٍ؛ لأنّه يقصد بهذا الضرر بأمهم، وليس يقصد توفير الأجرة عليه، إذا كان يُعْلَم أنَّ مثله لا يؤثر عليه توفيرها


(١) المختصر الكبير، ص (٢٠٧)، المدونة [٢/ ٣٠٥]، مختصر أبي مصعب، ص (٣٦٠)، النوادر والزيادات [٥/ ٥٣].
(٢) قوله: «أبيهم»، كذا في شب، ولعلها: «أمهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>