للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

• إنَّما قال: «إنه لا يرجع المحتال في الحوالة على المُحِيلِ الذي كان عليه الدَّين، متى فلَّس المحتال عليه أو كان مفلساً فعلم به صاحب الحق - وهو المحتال -؛ لأنَّ الحوالة هي بيع دَينٍ بدَينٍ، باع صاحب الحق دَينه الذي له على زيدٍ بالدَّين الذي لزيدٍ على عمرو، فليس له أن يرجع على زيدٍ متى مات عمرو أو أفلس؛ لأنَّ حقه قد وجب على عمرو وفي ذمّته دون ذمة زيدٍ (١).

وذلك مخالفٌ للحمالة والكفالة والضمان على ما ذكرناه؛ لأنَّ هذه وثيقةٌ وليس بيع شيءٍ بشيءٍ.

فأمّا إذا غره بِفَلَسٍ فإنّه يرجع على من غَرَّهُ؛ لأنَّ ذلك عيبٌ لم يرض به صاحب الحق، كما يرجع المشتري على البائع بأرش العيب إذا دلَّس له بالعيب، أو يرد السلعة إن كانت باقيةً.

والحوالة هي بيع دَينٍ بدَينٍ على ما ذكرنا، وهي مستثناةٌ من جملة الدَّين بالدَّين؛ لأنّها معروفٌ، كما كانت العَرِيَّةُ مستثناةً من المزابنة؛ لأنّها معروفٌ، وكما جاز قرض الدرهم بالدرهم إلى أجلٍ، وكذلك الطعام بالطعام؛ لأنَّ ذلك معروفٌ.

وقد رَوَى مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه قال: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، وإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ، فَلْيَتْبَعْ» (٢).

ولو جاز أن يرجع المحتال على المحيل، لَمَا كان لذكر الملاء وجهٌ إذا كان له أن يرجع إذا لم يحتل على مليء.


(١) نقل التلمساني في شرح التفريع [٩/ ٢٤٢]، هذه الفقرة عن الأبهري.
(٢) أخرجه مالك [٤/ ٩٧٢]، ومن طريقه البخاري (٢٢٨٧)، ومسلم [٥/ ٣٤]، وهو في التحفة [١٠/ ١٨٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>