وذلك بمنزلة المحاصّة في مال الغريم، أنّ كلّ واحدٍ من الغرماء يأخذ من ماله بقدر الذي له، ولا يأخذ على حسب الرّؤوس؛ لأنّ الضّرر الذي يدخل على صاحب المال الكثير أكثر منه على صاحب القليل، وإن كان كلّهم لهم دَينٌ وحقٌّ على الغريم، فوجب أن يأخذ كلّ واحدٍ من مال الغريم بقدر دينه. وكذلك يضرب أهل الوصايا في الثّلث على قدر ما أوصي لهم، لا على عدد رؤوسهم. وكذلك يجب أن يكون أخذ الشّفعاء بالشّفعة على قدر أنصبائهم؛ لأنّ الضّرر يدخل عليهم على قدر ذلك، فمن كان ضرره أكثر، يجب أن تكون منفعته أكبر في أخذ الشفعة. وليس يشبه هذا الشّركاء إذا كانوا في عبدٍ، وكان لأحدهم النّصف، وللآخر الثّلث، ولآخر السّدس، فأعتق صاحب الثّلث والسّدس ما لهما فيه، أنّ حصّة صاحبه النّصف تقوّم عليهما نصفين، لا على قدر حصصهما؛ من قِبَل أنّ ضرر الحريّة ودخولها في العبد يستوي فيها القليل والكثير. فإن كانت أمةٌ لم يقدر سيّدها على وطئها، فقليل الحريّة مثل الكثير، وإن كان عبداً، لم يقدر أن ينتزع ماله ولا يسافر به. فلمّا كان الضّرر في دخول الحريّة واحداً في القليل والكثير، وكان صاحب السّدس قد أدخل الضّرر على شريكه وهو صاحب النّصف كما أدخله صاحب الثّلث، فوجب أن يقوم عليهما نصفين؛ لاستوائهما في الضّرر. وقد حكي عن مالكٍ في العتق: أنّه يقوّم عليهما على حسب الحصص أيضاً، بمنزلة الشّفعة، وهذا هو المشهور من قوله، رواه عنه ابن القاسم وابن عبد الحكم، والقول الأول رواه عبد الملك».