قال: وذلك بمنزلة من يعترف بدين عليه لبني عمّه أو مواليه وله بناتٌ وأخواتٌ وأشباه ذلك ممّن يقرب منه، فهذا يعلم في الأغلب أنّه لا يخرج المال عن بناته أو أخواته إلى الأباعد من عصبته ومواليه، إلّا أن تعلم منه عداوةٌ لمن يقرب منه وانقطاعٌ إلى من يبعد منه، فلا يجوز إقراره إذا كان كذلك لمن يبعد منه من ورثته. فإذا أقرَّ بدين لبناته أو أخواته، وله عصبةٌ أباعدٌ أو موالٍ، لم يقبل إقراره؛ لأنّه يتّهم أن يكون أراد منع الأباعد من ورثته من الميراث وصرف ماله إلى من يقرب منه من ورثته من البنات وغيرهم، وهذا فيه التّهمة في الأغلب، وذلك معروف عند النّاس أنّ ذلك على ما وصفناه. وكذلك إقراره لزوجته غير جائزٍ إذا كان يرثه ورثته الأباعد. قال: وأصل هذا الباب عند مالكٍ، أنّ كلّ من اتّهم في الإقرار لوارثه في مرضه، فإقرار غير جائزٍ، وكلّ من لم يتّهم في إقراره، فهو جائزٌ؛ وذلك يُعرف من حال المقرّ على ما يعرف النّاس، وعلى حسب الاجتهاد من النّاظر في ذلك. وإن أقرّ لغير وارثٍ جاز؛ لأنّ المقرّ له ممّن لا يتّهم المقرّ في إقراره له، فأشبه إذا أقرّ له في الصّحة، واعتباراً بما إذا قامت البيّنة».