وقال في [٩/ ٤٥٥] أيضاً: «قال الأبهري: لأنّهم قد تركوا ما وجب لهم من الحقّ، فليس لهم أن يرجعوا فيه إذا كان قد أنفذه؛ لأنّه قد فات ووجب لمن أنفذه له. قال: ولأنّهم قد تركوا حقّهم. ألا ترى: أنّ المريض محجورٌ عليه من أجل ورثته؛ لما قد وجب لهم من الحقّ في ماله وهو مَنْعُ تصرّفه على غير عوضٍ من أجلهم، فإذا أذنوا له، جاز تصرّفه فيه ولم يكن لهم رجوعٌ؛ لأنّهم قد تركوا ما وجب لهم. وذلك بمنزلة ترك الشّفيع الشّفعة بعد البيع، والوليُّ إذا ترك القَوَدَ بعد أن يجب له. فإن لم يكن المريض أنفذ ذلك، كان للوارث أن يرجع فيه؛ لأنّه لم يفت بالتنفيذ. وأمّا من كان في عياله من ولدٍ قد احتلم، أو بناته أو زوجاته، فذلك لهم. وكذلك ابن العمّ الوارث، إن كان ذا حاجةٍ إليه، ويخاف إن منعه وصحّ أضرَّ في منع رفده، فلهؤلاء أن يرجعوا إذا رأى أنّ إجازتهم خوفاً ممّا وصفناه. وسواءٌ تبرّعوا بذلك ابتداءً من غير أن يطلبهم، أو بطلبه؛ لأنهم يقولون: إنّما بادرنا بالإجازة لتطيب نفسه، وخشينا إن لم نبادر منعنا رفده، فلهم بذلك حجّةٌ ومقالٌ، والله أعلم، إلّا أن يجيزوا بعد الموت، فلا رجوع لهم بعد ذلك إذا كانت حالتهم مرضيةً، ولا يجوز إذن البكر والابن الصّغير والسّفيه وإن لم يرجعا». (١) مك ١٧/أ، المختصر الكبير، ص (٣٣٦)، وقد أشار ابن أبي زيد في النوادر والزيادات [١١/ ٣٦٩]، إلى هذه المسألة عن ابن عبد الحكم، وينظر: البيان والتحصيل [١٢/ ٤٧٦].