قال الأبهري: ولأنّ العتق أوكد سبباً وأعظم حرمةً؛ لأنّها حرمةٌ تثبت في البدن، وحرمة البدن أوكد من حرمة المال». وقال أيضاً: «قال الأبهري: ولأنّ الزكاة واجبةٌ والعتق تطوّعٌ، فكان إخراج الواجب وتقديمه أولى من التّطوع؛ كما كان أداء الدّين الذي هو واجب أولى ممّا هو ليس بواجبٍ من الوصايا. وسواءٌ أوصى بعتق عبدٍ بعينه أو أعتق بتلاً في مرضه، أنّ الزّكاة مبدّأةٌ؛ لأنّها أوكد. وقد قال محمد بن مسلمة: إنّ العتق المبتل في المرض أولى من الزكاة، قال: لأنّه يقدر أن يرجع عن وصيته بالزّكاة، ولا يقدر أن يرجع عن العتق. قال الأبهري: وقول مالكٍ أصحُّ؛ من قِبَلِ أنّ الزّكاة فرضٌ والعتق ليس بفرضٍ عليه، فكان أداء الفرض وتقدمته أولى من التّطوع. والزّكاة مقدّمةٌ على كلّ شيءٍ من الوصايا، إلّا على التّدبير في الصّحة؛ لأنّه ليس يجوز له أن يرجع عن التّدبير في الصحّة. ولأنّ سببه أوكد؛ لأنّه عقد حرمةٍ قد ثبتت في حال الصّحة، فأمّا التّدبير في المرض فالزّكاة مقدّمةٌ عليه. وكذلك على العتق في المرض، بتلاً كان أو وصيّةً، في عبدٍ بعينه أو بغير عينه، لتأكد حرمته؛ لأنّ حرمته تثبت في البدن، وحرمة البدن آكد من حرمة المال».