للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• إِنَّمَا قالَ ذَلِكَ؛ لأنَّ منزلة الوصيّة بالعبد والهبة له كمنزلة البيع؛ لأنَّهُ نقلٌ من ملكٍ إلى ملكٍ، فماله للنّاقل لا للمنقول إليه؛ لأنَّهُ إِنَّمَا ينقله من ملكٍ إلى ملكٍ، فكان سيّده الأوّل أولى به، إلَّا أن يشترطه الثاني، وبذلك ورد الخبر عن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه في البيع.

فروى الزهري، عن سالمٍ، عن أبيه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه قال: «مَنْ بَاعَ عَبْدَاً وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ المُبْتَاعُ» (١)، والبيع هو نقل العبد من ملكٍ إلى ملكٍ، فكان كلّ موضعٍ نُقِل فيه العبد من موضعٍ إلى موضعٍ مِثْلُهُ.

فأمَّا إذا أعتقه، تبعه ماله، إلَّا أن يشترطه سيّده؛ لأنَّهُ نقل ملكٍ إلى غير ملكٍ - وهي الحريَّة -، فوجب أن يتبعهما (٢) المال وأن تكون مُكَمّلَةً؛ لقوّة حرمة الحريّة على الملك، وقد قال النَّبِيُّ صلَّى الله عليه: «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَاً، تَبِعَهُ مَالُهُ» (٣).

رواه بكير بن الأشجّ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه.

وقد قال مالكٌ في الوصيّة والصّدقة: «إنَّ المال يكون للموصى له، والمتصدَّقِ به عليه».

ووجه هذا القول: هو أنَّ نقل ملك العبد على وجه الصّدقة والوصيّة، هو


(١) متفق عليه: البخاري (٢٣٧٩)، مسلم [٥/ ١٧]، وهو في التحفة [٥/ ٣٨٧].
(٢) قوله: «يتبعهما»، كذا في جه، ولعلَّ المراد: العبد والحرية.
(٣) تقدَّم ذكره في المسألة رقم ٢٠٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>