للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

• إِنَّمَا قال: «إنَّ المدبَّرَ لا يُباع في دَيْنٍ ولا غيره في حياة مُدَبِّرِه»؛ لأنَّ الله جلَّ وعزَّ قال: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة:١]، والتَّدبير عقدُ طاعةٍ يُلزِمه الإنسانُ نفسَه، فلا سبيل له إلى رَفْعِهِ وَلَا حَلِّهِ، والرُّجُوعُ فيه وبَيْعُهُ إِبْطَالُ عَقْدِ حريَّته، فلا سبيل له إلى إبطال ذلك ولا ردِّه؛ لأنَّ التّدبير هو عقد حريَّةٍ بصفةٍ آتيةٍ لا محالة، فلا سبيل إلى ردِّه ولا حلِّه.

فإن قيل: قد روى حماد بن زيدٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن جابر بن عبد الله: «أَنَّ النَّبِيَّ بَاعَ مُدَبَّرَاً» (١) (٢).

قيل له: هذا خبرٌ مجملٌ، لم يُذْكَر فيه لأيِّ معنى بِيعَ، وقد فسَّره خبٌر آخر.

فروى الأعمش، عن سلمة بن كهيلٍ، عن عطاءٍ، عن جابرٍ، قال: «أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ غُلَامَاً لَهُ عَنْ دُبُرٍ، يُسَمَّى مَذْكُورَاً، قِبْطِيّاً، وَكَانَ مُحْتَاجَاً وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَبَاعَهُ رَسُولُ الله بِثَمَانِمِئَةِ دِرْهَمٍ، فَأَعْطَاهُ وَقَالَ لهَ: اقْضِ دَيْنَكَ» (٣)، فثبت بهذا الحديث أنَّ بيعه إِنَّمَا كان من أجل الدَّينِ الَّذِي عليه، فَأَمَّا إذا لم يكن عليه دينٌ قَبْلَ تدبيره، فلا سبيل إلى بيعه.


(١) أخرجه مسلم [٥/ ٩٧]، بهذا الإسناد، وهو في البخاري (٢٢٣١)، من غير طريق حماد، وفي التحفة [٢/ ٢٥١].
(٢) ينظر الاعتراض في: الحاوي للماوردي [٢٢/ ١١٧]، المغني لابن قدامة [١٤/ ٤٢٠].
(٣) هو نفسه الحديث المتقدِّم، وهذه الرواية عند النسائي في السنن الكبرى [٥/ ٤٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>