فأمَّا إذا ورث شقصاً منه، ثمَّ وُهِبَ له بعد ذلك شقصٌ آخر فقبله أو اشتراه، فأعتق عليه أيضاً، لم يلزمه استكمال عتق الباقي؛ لأنَّهُ لم يبتدئ العتق بفعلٍ اختاره، فلم يجب عليه استكمال عتق باقيه، وإنّما يجب عليه العتق متى كان وقوع العتق عن فعلٍ اختاره - أعني: ابتداء وقوع العتق-.
فَأَمَّا وجوب عتق ما يملكه الإنسان، مثل الوالد وإن علا، والولد وإن سفل، والإخوة والأخوات كلّهم:
(فالدَّليل على عتق الولد: قول الله ﷿: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ [الأنبياء:٢٦]، وقال تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ﴾، إلى قوله: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم:٨٨ - ٩٣]، فدلَّ هذا على أنَّ الولد لا ينبغي أن يكون عبداً؛ لأنَّهُ لو كان ولداً لم يكن عبداً، ولا خلاف في عتق الولد عليه إذا ملكه الإنسان بين أهل العلم.
(والـ[ـدَّلـ]ـيل على عتق الوالدين: قول الله ﷿: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الأنعام:٣٦]، فليس من الإحسان إليهما استرقاقهما؛ لأنَّ في ذلك ذلَّةً لهما، ولا خلاف في هذا أيضاً.
(فأمَّا وجوب عتق الإخوة والأخوات: فلأنَّهم يحجبون الأمَّ، فيجرون مجرى الولد، فيحجبون الأمَّ عن الثّلث إلى السُّدس، فكان سببهم أقوى من غيرهم مِمَّنْ هو أبعد درجةً منهم.
ولأنَّ أنثاهم تأخذ مع الذَّكر كما تأخذ أنثى الولد مع الذَّكر، فجروا مجرى الولد في وجوب عتقهم لهذه العلَّة.