للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

• إِنَّمَا قالَ ذَلِكَ؛ لأنَّ حرمتها قد ثبتت بكونها أمَّ ولدٍ، فلا سبيل إلى رفعها؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا ثبتت حرمتها من جهة الفعل لا القول، وكان ما ثبت من جهة الفعل أقوى منه من جهة القول.

ألا ترى: أنَّ المريض إذا وطئ جاريةً لا يملك غيرها فحملت، صارت أمَّ ولدٍ، ولم يرث ورثتُهُ منها شيئاً، ولو أعتقها بتلاً، ثمَّ مات في مرضه، لورثوا ثلثيها وعتق ثلثها.

فثبت بما قلنا أنَّ حرمة الفعل أوكد من حرمة القول، فلهذا قال مالكٌ: «إنَّ المديان إذا وطئ جاريةً فحملت، أنَّها تصير أمَّ ولدٍ، وإذا أعتقها بالقول، لم يجز عتقه إذا كان الدَّيْنُ محيطاً بماله، إلَّا بإذن غرمائه».

•••

[٢٩٣٠] مسألة: قال: ويجوز عِتْقُ السَّكران المُتَلَطِّخ (١).

• إِنَّمَا قالَ ذَلِكَ؛ لأنَّ السَّكران، القلم عنه غير مرفوعٍ؛ لأنَّهُ أدخل عليه ما أزال عقله، فلم يكن معذوراً بزوال عقله كعذر المجنون والصَّبي والنَّائم الَّذِينَ رُفِعَ القلم عنهم، فوجب أن يؤخذ السَّكران بما يرتكبه من حقِّ الله ﷿ وحقٍّ لآدميِّ، فلهذه العلّة لزمه العتق؛ لأنَّهُ حقٌّ لله تعالى، وكذلك يلزمه الطَّلاق إذا طلَّق، والقَوَدُ إذا قَتَلَ.

ولم يجز أن يُجْعَلَ حُكْمُهُ كحكم مَنِ القلم عنه مرفوعٌ؛ لأنَّ من كان القلم عنه مرفوعاً غير عاصٍ فيما فعله، وليس كذلك السَّكران؛ لأنَّهُ عاصٍ فيما يفعله


(١) المختصر الكبير، ص (٥٠١)، المدونة [٢/ ٤٣٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>