للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• إِنَّمَا قالَ ذَلِكَ؛ لأنَّ الخصاء فيما يؤكل لحمه مباحٌ؛ لأنَّ ذلك يُطَيِّبُ لحمه، كما قال مالكٌ، وَيُسَمِّنُ الحيوان، وفي ذلك صلاحٌ للنَّاس، فهو على الإطلاق والإباحة، إلَّا ما منعت الدَّلالة منه.

فأمَّا خِصَاء الخيل، فمكروهٌ؛ لأنَّهُ رُوِيَ عن النَّبيِّ : «أَنَّهُ نَهَى عَنْ خِصَاءِ الخَيْلِ» (١)؛ لأنَّ الخيل يُجَاهَدُ عليها في سبيل الله ﷿، فيُستحَبُّ كثرتها ويكره خصاؤها؛ لأنَّ في ذلك قطعاً لنسل ما قَدْ خُصِيَ منها، وليس كذلك سائر الحيوان.

ألا ترى: أنَّ الخيل يُسْهَمُ لها (٢)؛ للحاجة إليها، ولا يُسْهَمُ لغيرها؛ إذ ليست الضَّرورة إليها كالضَّرورة إلى الخيل، وقد قال رسول الله : «الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، الأَجْرُ وَالغَنِيمَةُ» (٣).

ومما يدلُّ على جواز خِصَاء غير الخيل: «أَنَّ النَّبيَّ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ مَوْجِيَّيْنِ» (٤)، معنى مَوْجِيَّيْنِ: خَصِيَّيْنِ، فلو لم يجز خِصَاؤها؛ لأنكَرَ النَّبيُّ ذلك ولنهى عنه، ولامتنع من ذبحها؛ ليمتنع النَّاس من خصائها، فلمَّا لم يفعل ذلك وضحَّى بها، دلَّ على أنَّ خصاءَها مباحٌ إذا قُصِدَ به الإصلاح في ذلك، لا التَّعذيب والإفساد.

•••


(١) أخرجه ابن عدي في الكامل [٦/ ٥٠٦]، والأزدي في الأوهام التي في مدخل الحاكم، ص (٥٣)، من حديث عائشة.
(٢) تنظر المسألة رقم ١٧٤١.
(٣) أخرجه مسلم [٦/ ٣٦]، وهو في التحفة [٢/ ٤٣٤].
(٤) أخرجه أبو داود [٣/ ٣٥٨]، والترمذي [٣/ ١٨٠]، وابن ماجه [٤/ ٣٠١]، وهو في التحفة [١٠/ ٤٦٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>