للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• إِنَّمَا قالَ ذَلِكَ؛ لأنَّ الصَّبْغ [مبـ]ـاحٌ، وتركه مباحٌ، كلّ ذلك واسعٌ فعله.

فأمَّا اختياره لغير السّواد؛ فلأنَّ السَّواد قد يدخله ضربٌ من اغترار النَّاس به، ولا سيّما إن كان مِمَّنْ يريد التَّزويج، يُظَنُّ به أنَّه شابٌّ، ورغبة النِّساء في الشّباب خلاف رغبتهنَّ في الشّيوخ.

وقد اختار النَّبيُّ أيضاً ترك الصَّبْغ بالسَّواد، فقال حين أُتِيَ بأبي قحافة إليه يوم الفتح، قال لأبي بكرٍ الصدّيق : «أَلَا تَرَكْتَ الشَّيْخَ نَأْتِيهِ، وَرَأَى رَأْسَهُ وَلحْيَتَهُ أَبْيَضَ كَالنَّعَامَةِ، فَقَالَ: اخْضِبُوا رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ، وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ» (١)، وخضب أبو بكرٍ بالحناء (٢)، وكذلك عثمان (٣).

فأمَّا تركُ الصَّبْغ كلّه؛ فلأن النَّبيَّ لم يخضب، ولا عمر (٤)، ولا عليٌّ (٥) .

وحكى ابن وهبٍ، قال: قيل لمالك بن أنسٍ: لم لا تخضب يا أبا عبد الله؟


(١) أخرجه مسلم [٦/ ١٥٥]، وأبو داود [٤/ ٤٦١]، وليس في رواية مسلم «وجنبوه السواد»، وهو في التحفة [٢/ ٣٤٢].
(٢) أخرجه مسلم [٧/ ٨٤ و ٨٥]، ومالك [٥/ ١٣٨٥]، وأبو داود [٤/ ٤٦٢].
(٣) لم أقف عليه، والذي في مسند أحمد [١/ ٥٥٢]، من طريق بنانة قالت: «ما خضب عثمان قطُّ»، وحكم عليه محققو طبعة الرسالة بالضعف.
(٤) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار [٩/ ٣٠٧]، وعند مسلم [٧/ ٨٤ و ٨٥]، وأبي داود [٤/ ٤٦٢]، أنَّ عمر خضب.
(٥) لم أقف عليه، وقد حكاه مالكٌ عن عليٍّ، كما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>