للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبعض اللّهو إذا لم يكن سَرَفَاً، وقد رُوِيَ عن النَّبيِّ أنّه قال: «أَعْلِنُوا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالغِرْبَالِ» (١) يعني: الدّفّ، أراد النَّبيُّ أن يَظْهَر ذلك.

فأمّا غيره من الدّعوات، فليس على أحدٍ إجابته، فإن أجاب جاز، بل يُستحب ذلك له، إلّا أن يكون في الدَّعوة لعبٌ ولهوٌ، فَإِنَّهُ لا ينبغي أن يجيبه إلى ذلك، وبخاصّةٍ إذا كان المدعو من أهل الفضل والدّين؛ لأن في ذلك بِذْلَةً (٢) له وضِعَةً (٣).

وكذلك لا يحبّ أن يجيب غير المسلمين؛ لأنّ في ذلك ضِعَةً له، وقد قال مالكٌ: «لا أحبّ لأهل الفضل والدِّين أن يجيبوا الدّعوات»، أراد لهذا المعنى؛ لأنّ في ذلك بِذْلَةً ومخالطةً لمن لا يشاكله؛ لأنَّ الدَّعوة يكون فيها اختلاط النَّاس، إلَّا أن يكون قومٌ يشاكلونه، وقد قال رسول الله : «لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُوا الأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، وَإِيَّايَ (٤) وَهَوشَاتِ (٥) الأَسْوَاقِ» (٦).


(١) أخرجه ابن ماجه [٣/ ٩٠]، والترمذي [٢/ ٣٨٤]، وهو في التحفة [١٢/ ٢٥٨].
(٢) قوله: «بِذلةً»، كذا رسمها في شب وجه، ومعناها الامتهان، كما في لسان العرب [١١/ ٥٠]، وقد جاءت في طبعة الغرب: «مذلة».
(٣) قوله: «وضِعَةً»، الضعة خلاف الرفعة في القدر، ينظر: لسان العرب [٨/ ٣٩٧]، وهي غير مثبتة في طبعة الغرب.
(٤) قوله: «وَإِيَّايَ»، كذا رسمها في شب وجه، وفي مصادر التخريج: «وَإِيَّاكُمْ».
(٥) قوله: «وَهَوشَاتِ»، يعني: فِتَنَهَا وَهَيْجَهَا، ينظر: النهاية في غريب الحديث [٥/ ٢٨٢]، وقد جاءت في طبعة الغرب: «وهو شأن».
(٦) أخرجه مسلم [٢/ ٣٠]، وأحمد [٧/ ٣٨٠]، وأبو داود [١/ ٤٦٢]، والنسائي في الكبرى [١٠/ ٣٥٤]، وهو في التحفة [٧/ ٩٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>