للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بغير الحقِّ والسبِّ للسَّلف!، وقد قال الله جَلَّ وَعَزَّ: ﴿يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً﴾ [النساء:١٠٠] (١).

• إِنَّمَا قالَ ذَلِكَ؛ لأنَّ الإنسان قد أُمِر بترك مجالسة أهل المعاصي والباطل واللَّهو، وأُمِرَ بمفارقتهم، قال الله ﷿: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام:٦٨] (٢) فأمر الله سبحانه نبيَّه بمفارقة أهل الكفر والمعاصي، وأمر بقتال أهل البغي والمعاصي بقوله: ﴿فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الحجرات:٩]، وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا﴾ [النساء:٩٧]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ [هود:١١٣]، وقال النَّبيُّ : «سَيَكُونُ أُمَرَاءُ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ» (٣)، فوجب بما ذكرناه مفارقة أهل الظُّلم وترك مخالطتهم والخروج عن جملتهم، وترك الإقامة بالأرض الَّتِي هم فيها؛ لئلا يجري حكمهم عليه ولا يذلُّونه.

هذا إذا أمكنه ذلك، فإن لم يمكنه لضعفٍ أو عِلَّةٍ، كان في سَعَةٍ من ذلك إذا أقام في الأرض الَّتِي هم فيها ولم يخالطهم، ولم يُعِنهم على أمرهم وأنكر


(١) المختصر الكبير، ص (٥٨٣)، وقد نقل ابن عبد البر في الاستذكار [١٤/ ٤١]، هذه المسألة عن أشهب، وينظر: البيان والتحصيل [١٨/ ٣٣٥].
(٢) تبدأ الصفحة عند قوله تعالى: ﴿حَتَّى يَخُوضُوا﴾.
(٣) أخرجه الترمذي [١/ ٦٠٠]، والنسائي في الكبرى [٧/ ١٩٢]، وهو في التحفة [٨/ ٢٩٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>