(٢) كذا علل الشيخ أبو بكرٍ هذه الرواية عن مالك، وقد خالفه فيها أبو الوليد محمد بن رشد، كما في البيان والتحصيل [١٦/ ٤٠٢]، وابن عبد البر، كما في التمهيد [٧/ ١٥٠]، حيث ذكرا أنَّ مالكاً إنَّما كره أن تشاع رواية هذه الأحاديث، ويكثر التَّحدُّث بها، فيسمعها الجهَّال الذين لا يعرفون تأويلها، فيسبق إلى ظنونهم التَّشبيه بها. (٣) أشار أبو الوليد محمد بن رشد ﵀ إلى هذا التعليل في البيان والتحصيل [١٦/ ٤٠١]، ورَدَّهُ، فقال: «ولا اختلاف بينهم أيضاً في جواز إطلاق القول بأنَّ لله يدين ووجهاً وعينين؛ لأنَّ الله وصف بذلك نفسه بكتابه، فوجب إطلاق القول بذلك، والاعتقاد بأنَّها صفات ذاته، من غير تكييف ولا تشبيه ولا تحديد؛ إذ لا يشبهه شيءٌ من المخلوقات، هذا قول المحقِّقين من المتكلِّمين. وتوقف كثيرٌ من الشُّيوخ عن إثبات هذه الصِّفات الخمس، وقالوا: لا يجوز أن يثبت في صفات الله ما لم يعلم بضرورة العقل ولا بدليله، وتأوَّلوها على غير ظاهرها، فقالوا: المراد بالوجه الذات، كما يقال: «وجه الطريق، ووجه الأمر ذاته ونفسه»، والمراد بالعينين إدراك المرئيات، والمراد باليدين النعمتين، وقَوْله تَعَالَى: ﴿بِيَدَيَّ﴾، أي: ليدي؛ لأنَّ حروف الخفض يبدل بعضها من بعض. والصَّواب قول المحقِّقين الذين أثبتوها صفاتٍ لذاته تعالى، وهو الذي قاله مالكٌ في هذه الرِّواية».