قيل له: ليس في هذا دليلٌ على وجوب إتمام الدّاخل؛ لأنَّ أتموا إنّما هو لما دخل فيه. فإن قيل: فقد قال النّبي ﷺ: «العُمْرَةُ الحَجَّةُ الصُغْرَى»، وقد قال ﷿: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾ [التوبة:٣]، فدلّ على أنَّ ثَمَّ حجّاً أصغرَ؟ قيل له: معنى الحجّ الأكبر، إنّما هو الاجتماع الذي كان من العرب كلّها يوم النّحر بمنى، والحجّ الأصغر اجتماعهم بعرفة؛ لأنّ قريشاً كانت تمتنع من الوقوف بعرفة، فهذا معنى قوله: ﴿يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾. ومن الدّليل على [أنّ] العمرة غير واجبةٍ: أنّها غير معلّقةٍ بوقتٍ معلومٍ، كالصّلاة والصّيام والحجّ، فلما لم تكن العمرة كذلك، دلّ على أنّها ليست بفرضٍ؛ لمخالفتها أعمال البدن في هذا. فإن قيل: إنَّ الإيمان فرضٌ، وليس هو معلّقاً بوقتٍ، فكذلك العمرة؟ قيل له: الإيمان فرضه في وقتٍ معلومٍ، وهو بلوغ الإنسان، وليس كذلك العمرة؛ لأنَّ فرضها ليس معلّقاً بوقت، لا سيّما والعمرة عملٌ لا يتعلق بزمانٍ، وإنّما أردنا عملاً يتعلّق بزمانٍ في مكانٍ، كالحجّ والجمعة، والإيمان فرضٌ على البدن غير متعلِّقٍ بمكانٍ، فليس هو داخلاً على العلّة». كما نقل عنه في [٥/ ٢٣٨]، طرفاً من شرح المسألة، فقال: «قال الأبهري: يعني: أنَّ أهل منى يجوز لهم أن يعتمروا إذا غربت الشّمس من آخر أيّام التّشريق، فأمّا غير أهل منى، فلا بأس أن يعتمروا في أياَّم منى، وإن كان الاختيار غيره»، وينظر: المدونة [١/ ٤٠٨ و ٤٣٢]، النوادر والزيادات [٢/ ٣٦٣]، التفريع [١/ ٣٥٢]. (١) مك ٧/أ، المختصر الكبير، ص (١٤٨)، النوادر والزيادات [٢/ ٣٦٣]، التفريع [١/ ٣٥٢]، البيان والتحصيل [٣/ ٤٧٦]. (٢) مك ٧/أ، المختصر الكبير، ص (١٤٨)، وقد نقل التلمساني في شرح التفريع [٥/ ٢٣٨]، عن الأبهري شرح المسألة، فقال: «قال الأبهري: إنّما قال ذلك؛ لأنَّ العمرة مباحةٌ في السّنة كلّها؛ لأنّها فعل خيرٍ، وقد نُدِبَ النّاس إلى فعل الخير، فلا بأس بفعلها في أيّام منى وغيرها؛ لأنَّ أهل الآفاق ليس عليهم إحرامٌ، ويُكرَهُ لهم أن يُدْخِلُوا إحرام العمرة عليه، فأمَا أهل منى فقد بقي عليهم من حكم الحجِّ شيءٌ وهو الرّمي، فكُرِه لهم أن يُدْخِلُوا عمل العمرة عليه قبل أن يفرغوا من بقيّة الحجِّ»، وينظر: المدونة [١/ ٤٠٨]، النوادر والزيادات [٢/ ٣٦٣]، البيان والتحصيل [٣/ ٤١١].