للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: هذا هو في التّطوع، فأمَّا الواجب فلا يجوز الأكل منه (١).

قيل: الآية على عمومها، ومن خَصَّ منها شيئاً فعليه الدلالة، بل الأشبه أنها في الواجب، بدلالة قوله ﷿: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾، وشعائر الله فواجباتٌ.

ألا ترى: إلى قوله جل ثناؤه: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة:١٥٨]، فكان السعي بينهما واجباً.

وقد أمر النّبيّ أن يؤخذ من الهدي الذي نحره من كل بدنةٍ بضعةٌ، فأكله وأصحابه (٢).

فأمَّا جزاء الصّيد وفدية الأذى، فإنه لا يجوز الأكل منهما؛ لأنَّهُ للمساكين.

ألا ترى: أنَّهُ قد جُعِلَ بدل الهدي الإطعام للمساكين، فلما لم يجز أن يؤكل من الطعام الذي هو للمساكين، فكذلك من الهدي، فأمَّا كل هديٍ ليس بدله طعامٌ وإنَّما بدله الصّيام فجائزٌ أكله.

وكذلك لا يجوز أن يؤكل من الهدي الذي نذره للمساكين؛ لأنَّ ذلك شيءٌ قد جعله لهم، كما يجعل طعاماً للمساكين فلا يجوز له أن يأكل منه، كما لا يجوز أن يأكل من الزَّكاة التي هي للمساكين، ولا كفارة اليمين التي هي للمساكين إذا وجبتا عليه.


(١) ينظر الاعتراض في: اختلاف الحديث للشافعي، ص (٦٤٠).
(٢) روي في عدد من الأحاديث، منها ما في حديث جابر المشهور في صفة حجة النّبيّ ، تقدَّم في المسألة رقم ٥٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>