فأمَّا إذا انقطع خبر الأب ولم يُدْر أين هو، أو كانت غيبته بعيدةً جداً منقطعةً، فإنَّ للأخ وغيره من الأولياء أن يزوِّجوها برضاها؛ لأنَّ في ترك تزويجها ضرراً عليها، إذ لا يتوصل إلى الأب إلَّا بعد وقوع الضرر بها، وقد لا يتوصل إليه أيضاً أصلاً، فجاز لسائر الأولياء أو الحاكم أن يزوجوها برضاها؛ لأنَّ كلهم أولياء، وإن كان بعضهم أقرب ولايةً وأوكد سبباً، والله أعلم.
• إنَّمَا قال ذلك؛ لأنَّ الأخ والأب في المرأة الثيب واحدٌ، ليس يفضل أحدهما الآخر في تزويجها، فأيهما زوجها بأمرها جاز.
ألا ترى: أنَّ الأب لا يقدر أن يزوجها بغير إذنها، وكذلك الأخ لا يزوجها إلَّا بإذنها، فاستوى الأخ والأب في هذا الوجه أنهما لا يصلان إلى العقد عليها إلَّا بإذنها، فمن عقد عليها كان جائزاً إذا كان بإذنها، وهي مخالفةٌ للبكر لِمَا ذكرناه قبل هذا.
ولو زوَّجها أخوها بإذنها وكان أبوها حاضراً في البلد، لجاز النّكاح، ولم يكن للأب أن يرده؛ لأنَّ الأخ ولي كالأب، وعقد الأخ كعقد الأب؛ إذ كل ذلك برضاها.
ألا ترى: أنَّ الأب لو عقد على الثيب بغير رضاها لم يجز، وكذلك لو عقد