قيل له: إخراج ماله غير جائزٍ، بل هو موقوفٌ حتى يُعلم مَنْ وارثه بعد موته، حتّى الذين يموت من يظن أنّه وارثه ويحدث غيره في النّكاح، فليس يجوز أن يكون موقوفاً على إجازة وارثٍ، فلهذا لم يجز أن يكون موقوفاً. فإن قيل: أليس يجوز أن يشتري في مرضه ما يأكل ويتداوى به، فكذلك فأجز له التّزويج وإن كان في ذلك إخراج ماله؟ قيل له: ما يأكله ويتداوى به، لا بدّ له منه ولا يستغني عنه، والتّزويج في المرض المخوف لا حاجة للمريض به إليه. فإن قيل: له حاجةٌ في الخدمة؟ قيل له: الخدمة يصل إليها من غير نكاحٍ، وهو أن يشتري أمةً أو يكتري من يخدمه، وليس على المرأة أن تخدم زوجها، لا سيّما إذا كانت ممّن لا يطيق الخدمة، وإذا كان كذلك، فليس أصل التّزويج للخدمة، وإنّما هو للاستمتاع. ألا ترى: أنّه لا يجوز له أن يتزوج من لا يحل له وطؤها في ذلك النّكاح أصلاً من أجل الخدمة؛ لأنّ الخدمة ليست أصلاً، إنّما هي تبعٌ للوطء. فإن قيل: أليس لو أقرّ بابنٍ له في مرضه، أنّ ذلك جائزٌ وإن كان قد أدخل على ورثته وارثاً، كذلك يجب أن يكون النّكاح؟ قيل له: النّسب لم يبتدئه في المرض، وإنّما أخبر بشيءٍ لزمه قبل المرض، وأمّا النّكاح فهو شيءٌ ابتدأه في المرض، ورأى أنّ إقراره بالنّسب كإقراره بزوجةٍ تزوّجها قبل المرض. على أنّ إقراره في النّسب، ليس فيه إخراج ماله عن وارثه لا محالة؛ لأنّه قد يموت المقرّ به قبله، وفي تزويجه في المرض إخراج المال لا محالة عن وارثه؛ لأنّ فيه وجوب صداق المرأة، فاختلفا لهذه العلّة».