وأمّا الذي يضرب له أجل سنةٍ في حداثة دخوله عليهم، ثمّ لا يصيبها حتّى تمضي السّنة: فقيل: لها الصّداق كاملاً، وقيل: ليس لها إلّا نصف الصّداق، وهو أحبُّ إلينا. قال الأبهري: فوجه قوله: إنّ لها الصّداق كاملاً إذا خلا بها وأقام معها، قلّ ذلك أو كثر؛ فلأنّه قد استمتع بأكثر ممّا يمكن مثله أن يستمتع به، فعليه الصّداق، كما يجب الصّداق كلّه على المجبوب والخصيّ إذا استمتعا بما يمكن مثلهما الاستمتاع به؛ لأنّهما على ذلك دخلا، فكذلك العنّين عليه الصّداق كلّه وإن لم يقدر على الوطء؛ لأنّه على ذلك دخل. ووجه قوله: إنّ عليه نصف الصّداق؛ فلأنّه لم يستمتع بها بالوجه الذي أراده ودخل عليه؛ لأنّه إنّما دخل عند نفسه على الوطء، فلمّا امتنع ذلك منه، لم يكن عليه الصّداق كلّه. وليس كذلك المجبوب والخصيّ؛ لأنّهما دخلا على ألّا قدرة لهما على الوطء؛ لأنّ حالتهما لا تتغيّر، بخلاف العنّين فإنّه قد تتغيّر حاله بزوال العنّة، فإذا طال مقامه معها واستمتع منها، فلها الصّداق كاملاً؛ لأنّه قد بلغ أكثر ما يمكن مثله من الاستمتاع، وقد أضرّ بالمرأة طول إقامتها معه، فوجب أن يكمل لها الصّداق؛ لأنّ الصّداق قد يستحقّ بغير الدّخول. ألا ترى: أنّه قد يستحقّ بالموت. وأمّا المجبوب والخصيّ فإنّهما إذا دخلا بالمرأة وخليا بها، فإنّ عليهما الصّداق كاملاً، طالت المدّة أو قصرت؛ لأنّ ذلك غاية دخولهما، بخلاف العنّين، فإنّه يتأتّى منه الوطء».