للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قيل له: لسنا ننكر أن تغير الخلطة حكم الزَّكاة من تخفيفٍ إلى تثقيلٍ، ومن تثقيلٍ إلى تخفيفٍ، وإنَّما ننكر أن تُبتدأ بها زكاةٌ لم تجب في الانفراد، ولو جاز أن توجِبَ الخلطة زكاةً لم تجب مبتدأةً، لجاز أن تُسقط زكاةً واجبةً كلها، فلمَّا فسد أن تسقط الخلطة زكاةً واجبةً كلها في الانفراد، فكذلك فسد أن توجب زكاةً لم تجب في الانفراد، وقد قال النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ: «أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ فَأَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِكُمْ» (١).

فأمَّا من قال: إنَّ الخلطة لا تُخَفِّفُ الزَّكاة ولا تثقل، لكنها تجب معها الزَّكاة كما تجب مع الانفراد (٢)، فقد خالف ظاهر الحديث عن النبي صلى الله عليه، وهو قوله: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْن، ِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بِالسَّوِيَّةِ»، ومعلومٌ أنَّ قوله: «لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ»، إنَّما هو أن يُسقط بالخلطة صدقةً كانت واجبةً في الانفراد، فتؤخذ صدقة الخلطة، أو يُسقط بالافتراق صدقةً كانت واجبةً بالاختلاط، فنُهي عن ذلك، وإلا فلا معنى للحديث.

وقد فسر مالكٌ وجه افتراقهم واجتماعهم، وسنذكره فيما بعد إن شاء الله (٣).

•••


(١) تقدَّم ذكره في المسألة رقم ٢٦.
(٢) وهم الحنفية ومن وافقهم، ينظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص [٢/ ٢٥١]، المبسوط [٢/ ١٥٣].
(٣) ينظر قول مالك في المسألة: [٤٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>